فنتيك جيت: محمد بدوى
حذرت شركة إس إيه بي كونكر، من الإيصالات المصممة بالذكاء الاصطناعي باعتبارها الخطر الخفي الذي يجب أن تستعد له كل شركة.
ويأتي هذا التحذير في الوقت الذي أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً اساسياً في بيئة العمل اليومية. وتظهر دراسة سفر الأعمال العالمي السنوية السابعة الصادرة عن “إس إيه بي كونكر” أن 88% من مسافري الأعمال حول العالم يجدون استخدام الأتمتة المعززة بالذكاء الاصطناعي أمراً مريحاً في مختلف مراحل سفر الأعمال الخاص بهم، من إجراءات الحجز إلى إدارة النفقات.
ولكن مقابل كل تطبيق بناء للذكاء الاصطناعي، تبرز استخدامات محتملة قد يتم استغلالها لأغراض غير مشروعة من قبل جهات تعمل بسوء نية. فعلى سبيل المثال، يمكن لأي شخص الدخول إلى أدوات مجانية مثل “جوجل جيميناي” أو “تشات جي بي تي” وإنتاج مستندات مزيفة ذات مظهر واقعي، مثل الإيصالات أو الفواتير، خلال ثوان معدودة.
ونتيجة لذلك، قد تواجه الشركات خطر لجوء بعض الموظفين إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتزوير نفقات السفر. ووفقاً لنتائج الاستطلاع، يرى 67% من المدراء الماليين، و78% من مدراء السفر، و55% من مسافري الأعمال أن هذا الاحتمال وارد داخل مؤسساتهم، بينما يؤكد واحد من كل عشرة أنهم يدركون حدوث ذلك بالفعل.
تعد المخاطر المرتبطة بالإيصالات المزيفة أحد الجوانب التي تتطلب من الشركات اعتماد استراتيجيات واضحة للحد من انتشارها وتعزيز موثوقية عمليات المراجعة:
خطر الإيصالات التي يتم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي
تظهر البيانات أن الجزء الأكبر من تقارير النفقات غير الدقيقة يعود إلى الهفوات الفردية أكثر من كونه سلوكاً احتيالي. وبحسب بيانات “إس إيه بي كونكر”، فإن نسبة تتراوح بين 15 و20% من تقارير النفقات تتضمن بنود غير مطابقة للسياسات، نتيجة أخطاء شائعة مثل تكرار المعاملات، أو إرفاق إيصالات غير مفصّلة، أو تسجيل مصروفات خارج نطاق السياسة المعتمدة.
تمثل الإيصالات التي يتم تصميمها عبر الذكاء الاصطناعي تحدياً لكل من المدققين والأنظمة التقليدية المخصّصة لاكتشاف الاحتيال في السفر والنفقات. فغالبية هذه الأنظمة تعتمد على المراجعة اليدوية بعد تقديم المطالبات، بدلاً من المتابعة الفورية، كما أن غياب البيانات المتكاملة من الجهات الخارجية يحد من القدرة على التحقق الآلي من صحة النفقات عبر مصادر موثوقة.
قد يشهد توثيق جهود التدقيق وكشف الاحتيال تفاوتاً في الجودة والاتساق، الأمر الذي يحد من القدرة على تحديد الأنماط المتكررة أو تعقب حالات سوء الاستخدام. كما أن معظم الموظفين لا يتلقون تدريب كافي يمكنهم من التعرف على أساليب الاحتيال التي يتم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتسهم هذه العوامل في تسهيل محاولات بعض الموظفين للحصول على تعويضات قائمة على مطالبات مختلقة، لتجد الشركات نفسها تغطي تكاليف سفر ووجبات وإقامات لم تتم فعلياً.
خطوات للتصدي للاحتيال باستخدام الإيصالات المصممة بالذكاء الاصطناعي
يتعين على المؤسسات تحديث استراتيجياتها لمواكبة التطورات التقنية، إذ باتت معظم القطاعات تعتمد أساليب جديدة للحد من الاحتيال القائم على الذكاء الاصطناعي.
تستخدم الجامعات أدوات لكشف المحتوى الذي يتم تصميمه بالذكاء الاصطناعي وباتت هذه الجامعات تعود إلى الامتحانات الحضورية لضمان النزاهة الأكاديمية. أما البنوك والمؤسسات المالية، فتعتمد على التقنيات الحيوية وتكثف برامج التوعية حول مخاطر التزييف العميق لحماية العملاء وأنظمتها.
ينبغي على أي شركة تعمل في مجال رحلات العمل اعتماد نهج استباقي وشامل للتصدّي لتزوير الإيصالات. وفيما يلي أربع خطوات عملية:
دمج الوقاية في السياسات
تسهم السياسات الواضحة في الحد من الاحتيال باستخدام الإيصالات المصممة او المعدلة بالذكاء الاصطناعي. ويمكن تعزيز الرقابة عبر اعتماد طلبات الموافقة المسبقة على النفقات، بحيث يلزم الموظفون بالحصول على موافقة قبل إجراء المشتريات الكبيرة. كما تتيح عمليات التدقيق المسبقة فحص طلبات النفقات وتحديد أي مؤشرات لمشاكل محتملة.
ولتعزيز آلية الردع، يمكن اعتماد إرشادات تحدد مسار الإجراءات المتخذة تجاه أي محاولة احتيال وآليات استرداد المبالغ المصروفة دون وجه حق.
أ. توعية الفرق بالعلامات الدالة
قد تبدو الإيصالات التي يتم تصميمها وتعديلها باستخدام الذكاء الاصطناعي مقنعة للوهلة الأولى، إلا أنها غالباً ما تتضمّن أخطاء تكشف عن زيفها. لذا، من المهم توعية المسؤولين عن الموافقة على النفقات بالمؤشرات التي تستدعي الانتباه، مثل:
تفاوتات في الخط أو أخطاء إملائية
حسابات غير دقيقة، سواء في المبالغ أو الضرائب
مظهر غير طبيعي، كأن يبدو الإيصال لامعاً بشكل مبالغ فيه أو ذا طابع رقمي مصطنع
تضيف بعض أدوات الذكاء الاصطناعي علامات مائية رقمية داخل الملفات، ما يتيح التحقق من بياناتها الوصفية لمعرفة ما إذا كانت مولدة ومصممة عبر الذكاء الاصطناعي. إلا أن المستخدمين المتمرسين قد يتمكنون من إزالة هذه المؤشرات عبر تعديل البيانات أو طباعة الصور وإعادة مسحها. لذلك، يبقى من الضروري الاعتماد على مزيج من الأساليب، مع الإبقاء على قدر مناسب من التدقيق واليقظة.
المتابعة الدقيقة بعد الإنفاق
تساعد الأنظمة الرقمية في مراقبة المعاملات والكشف عن أي نشاط غير معتاد بعد تنفيذ النفقات. ويمكن تحسين عملية التحقق من خلال ربط نظام النفقات ببطاقات الشركة والإيصالات الإلكترونية ومنصات حجز السفر، ما يتيح مطابقة البيانات تلقائياً.
كما يمكن استخدام منصات التحليلات لاكتشاف الأنماط غير الطبيعية، أو المطالبات المكررة، أو السلوكيات التي قد تثير الشك. ويساعد الاطلاع المنتظم على بيانات الإنفاق في تحديد الموظفين الذين يسجّلون نفقات مرتفعة حجمًا أو قيمةً، بما يستدعي مراجعة أدق.
الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للكشف عن الاحتيال
تشكل الإيصالات المصممة عبر الذكاء الاصطناعي تحدي متزايد للمؤسسات، إلا أن معظم الأخطاء في تقارير النفقات لا تزال ناتجة عن هفوات غير مقصودة أو دون أي تدخل تقني، ما يجعل معالجتها جزء أساسي من عملية المراجعة.
ويمكن تحسين القدرة على اكتشاف الأخطاء من خلال استخدام حلول السفر والنفقات المزوّدة بقدرات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، حيث إن هذه المنصات قادرة علي تحليل آلاف نقاط البيانات في الوقت نفسه، والتحقق من المعاملات بسرعة ودقة تفوق بكثير المراجعة اليدوية.
يتوقع أكثر من نصف المدراء الماليين (55%) أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على اكتشاف الأخطاء العامة ومؤشرات الاحتيال المحتملة بدرجة تفوق فرق العمل، عندما يتم استخدامه في أتمتة عمليات الموافقة على النفقات.
ومع تطور أساليب الاحتيال في السفر والنفقات، تبرز أمام المؤسسات فرصة لتحديث أنظمتها الدفاعية ومواكبة التحولات التقنية. ومن خلال الجمع بين السياسات الواضحة، وتوعية الموظفين، وتبنّي تقنيات متقدمة، سيتمكن القادة من تعزيز حماية أعمالهم ورفع مستوى الرقابة.
روابط ذات صلة:
إس إيه بي كونكر: الذكاء الاصطناعي يبسط التخطيط للسفر عبر 3 خطوات
«إس إيه بي كونكر»: ثلث الشركات تخطط لاستثمار أكثر من 25 مليون دولار في الذكاء الاصطناعي هذا العام









