أحمد الخلافي المدير العام لشركة هيوليت باكارد إنتربرايز في الإمارات وأفريقيا يكتب كيف ستقود البيانات مستقبل الذكاء الاصطناعي في الإمارات والمنطقة؟
بقلم أحمد الخلافي – المدير العام لشركة هيوليت باكارد إنتربرايز في الإمارات وأفريقيا
منذ أربعة قرون، قال فرانسيس بيكون، اللورد المستشار الأعلى السابق لبريطانيا العظمى: “المعرفة قوة، والاختبار الحقيقي للمعرفة ليس فيما إذا كانت صحيحة، بل فيما إذا كانت تمنحنا القوة.
غالبًا ما يفترض العلماء أن لا نظرية صحيحة بنسبة 100%، وبالتالي، فإن الحقيقة هي اختبار ضعيف للمعرفة. والاختبار الحقيقي هو المنفعة، إذ أن النظرية التي تمكّننا من القيام بأشياء جديدة تشكل المعرفة الحقيقية.”
البيانات هي المادة الخام التي تُشتق منها المعلومات، والمعلومات هي الشكل المعالج والمنظم للبيانات التي تحمل معنى. وفي حين أكد القادة على مر القرون على قوة البيانات، فإن التحدي المتواصل يكمن في كيفية استخدامها بفعالية. ففي المشهد المعتمد على الذكاء الاصطناعي اليوم، تعد البيانات الركيزة الأساسية لإطلاق الإمكانات الكاملة للمؤسسات، ولكي تحقق المؤسسات رؤاها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، يجب أن تعطي الأولوية لجهوزية البيانات.
لقد رسخت الإمارات مكانتها كمركز للذكاء الاصطناعي، مع مبادرات مثل “الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031″، التي تحفز الابتكار عبر القطاعات.
وتستثمر الشركات في الإمارات بالتقنيات الحديثة لزيادة الإنتاجية واكتساب ميزة تنافسية في هذا السباق، حيث يَعِد التكامل مع الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي بإحداث ثورة في الأعمال من خلال أتمتة العمليات وتحسين عملية اتخاذ القرار وخلق مصادر جديدة للإيرادات. ولكن، يبقى طريق التكامل مع الذكاء الاصطناعي مليئًا بالتحديات.
تفتقر العديد من الشركات إلى خطة قوية لتطبيق الذكاء الاصطناعي وحتى إلى تكتيكات موثوقة لأسس البيانات التي تمكّنها من استخدام التكنولوجيا بأمان وقيمة مضافة.
وبدون خارطة طريق واضحة للذكاء الاصطناعي وأساس قوي للبيانات، سيكون من الصعب معالجة مشكلات مثل صوامع البيانات، وعدم الدقة، وسوء الحوكمة، وقضايا الجودة.
إعطاء الأولوية لجهوزية البيانات
للاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، يتعين على الشركات معالجة تحديات جهوزية البيانات أولاً، حيث تبدأ الخطوة الأولى بتحسين إمكانية الوصول إلى البيانات من خلال إنشاء مصدر موثوق واحد، والاستفادة من بنية تحتية سحابية هجينة، وتطبيق حوكمة بيانات قوية. يضمن هذا أن تكون البيانات قابلة للاكتشاف، والوصول، والتنظيم لتحقيق الاستخدام الأمثل.
المرحلة الثانية تركز على إنشاء بيئة تخزين جاهزة للذكاء الاصطناعي، وهذا يتطلب اعتماد بنية تخزين منفصلة وإعطاء الأولوية لوقت الاستجابة المنخفض.
من خلال تحسين التخزين من حيث السعة والأداء، يمكن للمؤسسات دعم الأعباء التشغيلية الخاصة بالذكاء الاصطناعي بشكل فعال. أما المرحلة الأخيرة فتتمثل بتعزيز أمن البيانات، وأتمتة عمليات تنظيف البيانات، وإنشاء حوكمة بيانات مستمرة للحفاظ على جودة البيانات وحماية المعلومات الحساسة.
البيانات حجر الزاوية في تقدم الذكاء الاصطناعي
تواجه العديد من الشركات ما يُعرف بـ “معضلة البيانات”، فعلى الرغم من امتلاكها لكمية كبيرة من البيانات، إلا أنها غالبًا ما تكون مجزأة وغير منظمة ومعزولة. وفي هذا الإطار، يوفر الذكاء الاصطناعي حلاً مثاليًا يكشف الأنماط الخفية داخل هذه البيانات، مما يمكّن الشركات من اتخاذ قرارات مجدية وتحسين العمليات.
تمثل صوامع البيانات تحديًا آخر، وهو ما يُعتبر عقبة أمام استخراج القيمة. وبمجرد أن تكون البيانات متاحة، يجب إعدادها بفعالية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، لكن، بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي يتطلب عدة مراحل، لكل منها تعقيداتها التي تشمل جمع البيانات، وتنقيتها، وبناء النماذج، وتعديلها، ونشرها. يعد التغلب على هذه التحديات أمرًا حاسمًا لتطبيق الذكاء الاصطناعي بنجاح.
تساعد المبادئ التنظيمية، مثل استراتيجية دبي للبيانات، المؤسسات على مواجهة هذه التحديات من خلال تطوير وتطبيق ثقافة تبادل البيانات بشكل سلس وآمن، واتخاذ القرارات المستندة إلى الأدلة.
توفر الاستراتيجية سياسات وقوائم مرجعية وأدوات إرشادية تعمل كدليل لجميع الأطراف المعنية في عملية مشاركة البيانات.
على سبيل المثال، تشمل سياسات دبي للبيانات سلسلة من أدلة ومعايير البيانات التي تقدم معايير تغطي معظم عناصر استخدام البيانات، وحوكمتها، ومشاركتها، مما يساعد المؤسسات على الامتثال لقانون البيانات في دبي وتعزيز جهوزيتها في إدارة البيانات.
النهج المستند إلى البيانات ضرورة للشركات الإماراتية
بغض النظر عن المسار الذي تختاره الشركات الإماراتية لمعالجة تحدياتها المتعلقة بالبيانات، فإن الحفاظ على التركيز والزخم سيكون أمرًا في غاية الأهمية. يمكن أن تكون رحلة اعتماد الذكاء الاصطناعي معقدة ومربكة، ولكن بمجرد أن يتم إنشاء أساس متين يشمل البنية التحتية، والقوى العاملة الماهرة، والأهداف المحددة، يمكن استخراج القيمة من البيانات بسرعة أكبر، وبالتالي ستحقق الاستثمارات الموضوعة العوائد المرجوة.