كتب : محمد بدوي
يشهد عالم التكنولوجيا تحولاً جذرياً يتمثل بالإعلان عن مشاريع ضخمة تقودها تحالفات في مجال الذكاء الاصطناعي، من ضمنها مشروع “ستارغيت” بقيمة 500 مليار دولار، والذي يعد أكبر مبادرة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ، بمشاركة الإمارات في هذا التحالف – وصعود “ديب سيك” DeepSeek المفاجئ إلى الواجهة.
يقلب الذكاء الاصطناعي عالم التكنولوجيا رأساً على عقب وزعزعت هذه الإعلانات الرائدة أسس الصناعات والاقتصادات، وأعادت رسم خريطة القوى التكنولوجية، مما ألغى أي مجال للافتراضات أو الاستراتيجيات أو التوقعات التقليدية.
ويقدم معرض “عالم الذكاء الاصطناعي 2025″، باعتباره أكبر وأبرز حدث عالمي للذكاء الاصطناعي لهذا العام، والذي تعقد فعالياته في هذا الأسبوع على أعقاب تطورات تاريخية في مجال الذكاء الاصطناعي، تحليلاً معمقاً لـ” موجة التغيير” التي تجتاح العالم، في الفترة من 4 إلى 6 فبراير 2025 في أبوظبي ودبي، ويقام الحدث بتنظيم مركز دبي التجاري العالمي بالتعاون مع جيتكس جلوبال، أكبر معرض تكنولوجي في العالم، ويستضيف أبرز المؤسسات والمنظمات والشركات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي لمناقشة الوضع الراهن وتحدياته، لإيجاد توافق جديد يمكّن من التقدم، بدءاً من البحث والتطوير وصولًا إلى التطبيقات العملية التي تشمل الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع وأركان الاقتصادات العالمية الأساسية.
تحولات المشهد العالمي: المنعطف الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي
يشدد تقرير “AI In Action” لعام 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي على أن النجاح يكمن في التطبيق الاستراتيجي مع إدارة المخاطر بفعالية. وفيما تتواصل المنافسة بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين ودول صاعدة ديناميكية مثل الإمارات العربية المتحدة لتصدر المشهد، لم يعد الذكاء الاصطناعي محصورًا في الابتكار فحسب، بل أصبح أداة استراتيجية لتعزيز التنافسية والريادة.
ومع اقترابنا من تحقيق مساهمة متوقعة للذكاء الاصطناعي تبلغ 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول 2030 (وفقًا لـ PwC)، تتعاظم أهميته كمحرك رئيسي للتحولات الاقتصادية العالمية.
وتبرز مكانة معرض “عالم الذكاء الاصطناعي 2025″، باعتباره أكبر تجمع عالمي للذكاء الاصطناعي يجمع القطاعين العام والخاص لاستعراض ابتكارات رائدة متعددة القطاعات من أكثر من 70 دولة.
ويضم الحدث 200 متحدثاً، وأكثر من 150 مستثمراً يديرون أصولاً تصل قيمتها إلى 70 مليار دولار، إلى جانب أكثر من 500 من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، الذين يعملون على تشكيل استراتيجيات مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وقال فيصل البناي، مستشار رئيس الدولة والأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة، والذي اختير ضمن قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخصية تأثيراً في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2024 ” لا يقتصر الذكاء الاصطناعي على تغيير ملامح القطاعات والصناعات وحسب، فهو يغير تعريف الإمكانات في عصر الذكاء.
وتعمل ومن خلال مبادرات مثل قمة عالم الذكاء الاصطناعي وغيرها، تعمل دولة الإمارات على تعزيز الابتكار والتعاون لدفع عجلة العدالة العالمية، حيث نتيح مستقبلاً تعاونياً للذكاء الاصطناعي عبر تبنّي التقنيات المتطورة وتعزيز الشراكات.”
وعلّقت تريكسى لو مِرماند، النائب التنفيذي للرئيس في مركز دبي التجاري العالمي والرئيس التنفيذي لشركة كاون الدولية، المنظمة لكل من جيتكس جلوبال و عالم الذكاء الاصطناعي، موضحةً التحولات الديناميكية غير المتوقعة في مجال الذكاء الاصطناعي:” بينما يواجه العالم حالة عدم اليقين في تطورات الذكاء الاصطناعي، بات من الواضح أن هذه التكنولوجيا لم تعد محصورة في قطاع الأعمال فحسب، بل أصبحت أولوية استثمارية سيادية على المستوى العالمي.”
وتابعت: ” بات سباق الذكاء الاصطناعي مفتوحًا أمام الجميع، ابتداءً من عمالقة التكنولوجيا إلى الشركات الناشئة الجريئة، ومن الدول الكبرى الراسخة إلى الاقتصادات الشابة الطموحة، ومن الزراعة إلى الخدمات الحكومية.
وأصبح الذكاء الاصطناعي على وشك إحداث توازن في ساحة المنافسة، وإذا صحت التوقعات حول DeepSeek، فإن المزيد من القوة ستنتقل إلى أيدي الناس العاديين. هذا الأسبوع في عالم الذكاء الاصطناعي، ستشهد مواجهة بين المؤيدين والمعارضين، ومع ذلك تأتي فرص استثنائية ومخاطر غير متوقعة، بينما نعيد النظر في النموذج التقليدي ونتحدى معاييره الراسخة.
ضمن فعاليات عالم الذكاء الاصطناعي يستضيف منتجع سانت ريجيس جزيرة السعديات، أبوظبي تنامي الذكاء الاصطناعي والاستثمارات الاستراتيجية في قمة عالمية تحت شعار ” موجة التغيير الكبرى: الذكاء الاصطناعي في كل شيء”، والتي تجمع قادة مؤثرين في المجال.
تتضمن القمة نقاشات تفاعلية حول التحولات في سياسات الذكاء الاصطناعي، والتكهنات المحيطة بمنصة R1 مفتوحة المصدر، والرهانات المؤيدة والمعارضة للفرضيات الحالية، والجدوى الاقتصادية لإنشاء مراكز بيانات ضخمة ذات استهلاك مكثف للطاقة، إلى جانب أحدث الأبحاث والتطورات والاتجاهات المتباينة في عالم الذكاء الاصطناعي.
وتتوافق هذه النقاشات بشكل وثيق مع الاستثمارات المكثفة لدولة الإمارات وطموحاتها في أن تكون في طليعة تبنّي وتطوير الذكاء الاصطناعي عالميًا.
ويأتي ذلك في أعقاب التزام أبوظبي بأن تصبح أول حكومة في العالم تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الرقمية 2025-2027، بالإضافة إلى سلسلة من التحالفات العالمية التي تصدرت العناوين، مما يؤكد على التوجه الاستراتيجي للمنطقة.
وبعد مشاركة MGX الإماراتية في تحالف Stargate البالغ قيمته 500 مليار دولار، وتعاون مايكروسوفت بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية الرائدة “جي 42” (G42) لتطوير مبادرات ذكاء اصطناعي مسؤولة، واستثمار داماك بقيمة 20 مليار دولار في مراكز البيانات بالولايات المتحدة، أصبح الحدث نقطة ارتكاز حيوية للتفاعل مع الدول الطموحة تكنولوجيًا، وتسريع تبادل المعرفة، وتعزيز شبكات التعاون بين القطاعين العام والخاص.
ومن أبرز المتحدثين خلال القمة عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في الإمارات العربية المتحدة، وفيصل البناي، مستشار رئيس الدولة والأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة، ونيثان برونفمان، مبتكر التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي المستخدمة في مسلسلي لعبة الحبار وسترينجر ثينغز، وڤاسي فيلومين، نائب الرئيس للذكاء الاصطناعي التوليدي لدى أمازون ويب سيرفسز، وسيريشا كدامالاكالافا، المدير العام ورئيس الذكاء الاصطناعي/التعلم الآلي في سيتي؛ وكيت دارلينج، وهي عالم بحثي في مختبرات MIT Media؛ وستيوارت راسل، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا، بيركلي.
حدود الذكاء الاصطناعي اللامتناهية: التطبيقات والاستخدامات عبر الصناعات
سيحظى الحاضرون في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو من التعرف على تأثير الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية والتعليم والطاقة والاقتصاد الإبداعي والصناعة من خلال مشاركة أكثر من 500 شركة تقنية عالمية والعديد من الشركات الناشئة الحاصلة على الجوائز، يشارك 70% منها لأول مرة في الشرق الأوسط.
كما تتحدث كبرى الشركات العالمية عن قيادتها في المجال، ومنها إيسوس وعلي بابا كلاود وأمازون ويب سيرفسز وديل وفورتنت وجي 42 وإتش بي وآي بي إم وإنتل وزوم ولينوفو ونوكيا وأوراكل وبالو ألتو نتووركس وريد هات ومعهد الابتكار التكنولوجي.
تم تخصيص الحدث بالكامل لاستكشاف الإنجازات العالمية للذكاء الاصطناعي في كل شيء، بدءًا من البنية التحتية السحابية الممولة بمليار دولار، والنقل الذاتي المتقدم المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وصولًا إلى أول منشأة في الشرق الأوسط لتصميم الروبوتات ذات الهيئة البشرية، وأجهزة الحاسوب العملاقة التي تضاعف القدرة الحاسوبية الوطنية ثلاث مرات.
ومن جانبه قال سامر الجيوسي، المدير الإقليمي للذكاء الاصطناعي التخصصي والذكاء الاصطناعي التوليدي في منطقة وسط وشرق أوروبا، الشرق الأوسط، تركيا وأفريقيا لدى ديل تكنولوجيز: “تفخر شركة ديل تكنولوجيز بالمشاركة في قمة عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يلتقي الابتكار بالفرص لرسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي.
ونؤكد التزامنا بمساعدة المؤسسات على الازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي – من البنية التحتية القابلة للتوسع إلى إدارة البيانات المتقدمة.”