«هندريك فينتر» الرئيس التنفيذي لسلاسل الإمداد في «دي إتش أل» يكتب: مستقبل سلاسل الإمداد 2025 في ظل التطورات التكنولوجية
بقلم: هندريك فينتر *
مع انطلاقة العام 2025، من المتوقع أن تشهد سلاسل الإمداد العالمية تحولات جذرية، مدفوعة بالدروس المستفادة من الاضطرابات الأخيرة التي مررنا بها مثل الجائحة والتوترات الجيوسياسية، مما يجعل قدرتها على الصمود والتكيف أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن خلال تجربتي كرئيس تنفيذي لشركة دي إتش أل أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، تابعت عن كثب تطور هذه الصناعة التي تأثرت بالتطورات التكنولوجية، وتغير سلوكيات المستهلكين، وزيادة متطلبات الاستدامة.
يستحوذ قطاع سلاسل الإمداد على اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي، حيث من المتوقع أن تستثمر الإمارات 31 مليار دولار في قطاع الخدمات اللوجستية بحلول العام 2026، بينما أعلنت السعودية عن عزمها لأن تصبح مركزًا رئيسيًا للتجارة العالمية من خلال مشاريع مثل ميناء البحر الأحمر العالمي واستثمار بقيمة 267 مليار دولار في القطاع.
وبالنظر إلى المستقبل، يتعين علينا تبني رؤية ترتكز بشكل أساسي على المرونة والابتكار. وسوف تسهم عملية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، وتحليل البيانات في إعادة تعريف الكفاءات التشغيلية، بينما ستدفعنا الالتزامات بالاستدامة لإعادة التفكير في النماذج التقليدية.
وفي هذا السياق، لنتطرق إلى بعض الاتجاهات الرئيسية والتحديات التي ستشكل سلاسل الإمداد في العام 2025، مع التأكيد على أهمية التنوع في هذه السلاسل من خلال التعاون والشفافية واعتماد نهج استباقي لإدارة المخاطر. فالمستقبل لا يتعلق فقط بالتعامل مع التحديات والاضطرابات، بل بالازدهار في بيئة دائمة التغير تتطلب تطورًا مستمرًا.
الاتجاهات الكبرى التي تشكل سلاسل الإمداد
الاتصال العالمي: بلغ الترابط العالمي ذروته في عام 2022، وظل مستقرًا رغم التقلبات السياسية والاقتصادية، متجاوزًا التوقعات التي رجحت التحول نحو الإقليمية. ورغم تفوق حجم التجارة المحلية على التجارة الدولية، تظل العولمة عاملًا رئيسيًا في صياغة الاستراتيجيات الاقتصادية عالميًا.
في هذا السياق، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز موقعها كلاعب رئيسي في التجارة والاستثمار العالميين. وكجزء من رؤية 2030، تعمل المملكة على استقطاب استثمارات دولية كبرى، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي الفريد عند ملتقى ثلاث قارات رئيسية. هذه الميزة الجغرافية تمنح السعودية دورًا محوريًا في تطوير مسارات تجارية جديدة، مما يعزز مكانتها في الاقتصاد العالمي المتنامي الترابط.
الاضطرابات
تؤدي النزاعات الجيوسياسية المستمرة في أوكرانيا، والشرق الأوسط، ومناطق أخرى إلى حالة من عدم الاستقرار العالمي. ومع ذلك، لا توجد دلائل واضحة على تحول التجارة نحو تحالفات متنافسة بين الدول. في المقابل، تُسهم حالة عدم اليقين في ارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الفائدة، وتكاليف الوقود، مما يفرض تحديات إضافية على الاقتصاد العالمي.
تنويع الاستيراد بعيدًا عن الصين
على الرغم من أن الصين ستبقى لاعبًا رئيسيًا في التجارة العالمية، بفضل قدرتها الكبيرة على الإنتاج والعمل، إلا أن بعض الشركات تسعى إلى تنويع مصادرها وإنتاجها في مواجهة عدم الاستقرار العالمي. وقد ساهمت قمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في العام 2022 بتعزيز التحالفات السياسية والاقتصادية بين الطرفين، بينما شهدت التجارة غير النفطية بين الإمارات والصين نموًا هائلًا بمقدار 800 مرة في عام 2024.
تنويع سلاسل الإمداد
تسعى الشركات إلى تقليل مسافة سلاسل الإمداد عن طريق تقريب موادها الخام ومخزونها من نقاط الإنتاج والأسواق. وثمة توجه نحو توسيع مصادر الإنتاج والتوريد لتشمل أسواقًا أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل فيتنام والهند وإندونيسيا، بالإضافة إلى أمريكا اللاتينية، خصوصًا المكسيك وأمريكا الوسطى.
يُساعد هذا التوجه نحو تنويع مصادر الإنتاج وتقريبها من الأسواق الكبرى، في تعزيز مرونة وكفاءة سلاسل الإمداد، مما يرفع قدرة الشركات على مواجهة التحديات والتكيف مع المتغيرات. وفي هذا السياق، تعد الإمارات والسعودية من بين أكثر الدول استفادة في منطقة الشرق الأوسط، بفضل موقعيهما الاستراتيجيين وروابطهما القوية مع الأسواق العالمية والقارات الأخرى.
الاستعانة بمصادر خارجية لأول مرة
في العام 2025، أصبح قرار الاستعانة بمصادر خارجية في الخدمات اللوجستية ليس خيار استراتيجي فحسب، بل ضرورة للشركات التي تسعى إلى النمو والازدهار في بيئة سلاسل الإمداد المعقدة. إن الاستعانة بمصادر خارجية تسمح للشركات بالاستفادة من الخبرات المتخصصة، وتحسين الكفاءة التشغيلية، والتكيف بسرعة مع تقلبات السوق.
من خلال التعاون مع مزودي الخدمات اللوجستية المتخصصين، يمكن للشركات التركيز على كفاءاتها الأساسية والاستفادة من التقنيات المتقدمة والحلول القابلة للتوسع التي تعزز الابتكار.
وفي وقت ترتفع فيه توقعات المستهلكين وتزداد الضغوط على الشركات لتحقيق الاستدامة، يصبح الاستعانة بمصادر خارجية خيارًا استراتيجيًا مهمًا يسهم في الحفاظ على المرونة، وخفض التكاليف، وتحسين مستويات الخدمة، مما يوفر لها ميزة تنافسية في السوق العالمي.
الاستدامة
يتزايد الطلب على الاستدامة في مختلف الصناعات بوتيرة متسارعة، مدفوعًا بمتطلبات المساهمين والمستهلكين النهائيين. وفي إطار رؤية 2030، وضعت المملكة العربية السعودية خططًا طموحة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، مع التركيز على الطاقة المتجددة كجزء من تحولها الاقتصادي. وقد بدأت بالفعل في استقطاب الاستثمارات من خلال بدائل صديقة للبيئة، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، مما يعزز مكانتها كمركز إقليمي للاستدامة والابتكار.
لمواكبة هذا التوجه، يجب على قادة الصناعة التركيز على تسريع النمو المستدام من خلال تعزيز عوامل التحسين الأساسية. ومن جانبنا، سنواصل توظيف خبراتنا العريقة وتقنيات الأتمتة المتطورة، إلى جانب استثماراتنا في شبكة اتصال عالمية قوية، لإعادة تشكيل المستقبل نحو اقتصاد أكثر مرونة وازدهارًا واستدامة لعملائنا وشركائنا.
*الرئيس التنفيذي لسلاسل الإمداد في شركة دي إتش أل أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
اقرأ أيضا :
- شركة «DHL» تستحوذ على حصة في «AJEX» للخدمات اللوجستية لتعزيز توسعاتها بالسعودية
- «ماى فاتورة – myFatoorah» أول مزود لحلول الدفع في الكويت يعتمد خدمة «DHL GoGreen Plus» للشحن المستدام
- شراكة بين “بنك أبوظبي التجاري مصر” و منصة “PaySupp” للتكنولوجيا المالية لتوفير حلول تمويلية لموردي سلاسل الإمداد