فينتك جيت: مصطفى عيد
تبدأ اليوم جولة جديدة من المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في العاصمة البريطانية لندن، وسط توتر متصاعد بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، وذلك في محاولة لإنقاذ الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها الشهر الماضي في جنيف.
قضايا شائكة
ويأتي استئناف المفاوضات بعد مكالمة هاتفية نادرة بين الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ونظيره الصيني «شي جين بينغ»، هدأت نسبيًا من تصعيدات حادة اندلعت مؤخرًا بسبب قضايا شائكة أبرزها سيطرة الصين على صادرات المعادن الأرضية النادرة، والوصول إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات الأمريكية.
من المتوقع أن تتصدر صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة وقضية التحكم في سلاسل التوريد العالمية أجندة اللقاءات، وسط تأكيدات من خبراء أن بكين لن تتخلى بسهولة عن هذا النفوذ الجيو-اقتصادي الاستراتيجي.
محادثات لندن
وكتب كبير الاقتصاديين في «Morgan Stanley» «روبن شينغ» في مذكرة بحثية: «تحكم الصين في سلسلة توريد المعادن النادرة أصبح أداة مدروسة لكن حاسمة للتأثير الاستراتيجي، ومن غير المرجح أن تتنازل عنها في محادثات لندن».
وتُستخدم هذه المعادن في تصنيع الإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، والتقنيات العسكرية الحساسة، وهو ما يجعلها ورقة تفاوض بالغة الأهمية لبكين، التي تسيطر على أكثر من 90% من عمليات المعالجة عالمياً.
التراخيص التصديرية
منذ توقيع اتفاق التهدئة في جنيف، اتهمت إدارة «ترامب» الصين بالتباطؤ المتعمد في إصدار التراخيص التصديرية للمعادن، وفرضت قيودًا إضافية على صادرات الرقائق الإلكترونية، بل وهددت بإلغاء تأشيرات دخول الطلاب الصينيين.
في المقابل، أصدرت وزارة التجارة الصينية بيانًا قالت فيه إنها «وافقت على عدد من الطلبات المستوفاة للشروط»، مؤكدة استعدادها لتعزيز الحوار مع الدول المعنية لتسهيل التجارة المتوافقة مع الضوابط.
لكن محللين يرون أن بكين تسعى لاستخدام نفوذها في المعادن النادرة للضغط على واشنطن لتخفيف القيود المفروضة على وصولها للتكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، خاصة المتعلقة بأشباه الموصلات.
قالت «غرفة التجارة الأمريكية في الصين» إن بعض الموردين الصينيين حصلوا على تراخيص تصدير مؤقتة مدتها 6 أشهر، كما أكدت «Reuters» أن شركات سيارات أمريكية كبرى مثل «General Motors» و«Ford» و«Stellantis» حصلت على تراخيص مماثلة.
لكن مذكرة تحليلية صادرة عن مؤسسة «Capital Economics» أوضحت أن بكين باتت أكثر جرأة في استخدام القيود التصديرية كوسيلة لتعزيز موقعها الاستراتيجي العالمي، مشيرة إلى أن الوصول العالمي للمعادن الصينية سيبقى أكثر تقييدًا من ذي قبل، رغم مؤشرات التهدئة.
ويشارك في المحادثات وفد أمريكي يضم وزير الخزانة «سكوت بيسنت»، ووزير التجارة «هوارد لوتنيك»، والممثل التجاري «جيمسون جرير»، بينما يقود الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء «خه ليفينغ»، في لقاءات تهدف لكسر الجمود حول الملفات الأشد تعقيدًا بين الطرفين.
التدفقات الطبيعية لصادرات المعادن
في هذا السياق، صرح كبير مستشاري الاقتصاد في البيت الأبيض «كيفن هاسيت» بأن الولايات المتحدة ستحاول استعادة التدفقات الطبيعية لصادرات المعادن، مشيرًا إلى أن وتيرة التصدير الحالية لا تزال أقل مما تم الاتفاق عليه في جنيف.
تتزامن هذه المحادثات مع تصعيد مستمر منذ أبريل الماضي، حين فرضت بكين نظام ترخيص جديدًا على تصدير 7 أنواع من المعادن النادرة وعدد من المغناطيسات، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها رد على قرارات واشنطن المتشددة.
وتعاني الصين داخليًا من تداعيات الحرب التجارية، إذ أظهرت بيانات التجارة الصادرة اليوم صورة قاتمة لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات، مما يزيد الضغوط على بكين لإنجاح محادثات لندن وتخفيف القيود الغربية.
تبقى الأنظار مركزة على ما إذا كانت الجولة الحالية من المحادثات ستنجح في تقريب وجهات النظر حول قضايا مصيرية تهدد بتقويض النظام التجاري العالمي، أم ستكون مقدمة لتصعيد جديد ينقل الحرب التجارية إلى مستوى أكثر شراسة، مع ما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة.
اقرأ ايضا:
الرئيس التنفيذي السابق لشركة «جوجل»: كندا تملك الحل لأزمة الطاقة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي
وزير الخزانة الأمريكي يعلن التوصل لإتفاق مع الصين لتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما