بعد فشل الميتافيرس..مارك زوكربيرج يواجه ضغوطا للكشف عن تفاصيل خطته الطموحة بشأن «مختبر الذكاء الفائق»
فينتك جيت:وكالات
يواجه مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، ضغوطاً متصاعدة من وول ستريت، للكشف عن ملامح «مختبر الذكاء الفائق» السري الذي يثير كثيراً من التساؤلات، بعدما أنفق مليارات الدولارات لاستقطاب نخبة خبراء الذكاء الاصطناعي، وبناء بنية تحتية ضخمة لتحقيق رؤيته الطموحة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، عرض زوكربيرغ حوافز توقيع تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات، لاستقطاب أبرز المواهب من شركات منافسة مثل «أوبن إيه آي» و«أبل» و«غوغل»، في إطار إعادة هيكلة استراتيجية شاملة، تهدف إلى ترسيخ مكانة «ميتا» قوة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد أن بدأت نماذجها تتخلف عن ركب المنافسين.
ويهدف الرئيس التنفيذي إلى إنشاء وحدة تعمل كشركة ناشئة داخل ميتا، تركز على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة، تكون بمنأى عن البيروقراطية التي باتت تعرقل الشركة، التي تبلغ قيمتها السوقية 1.8 تريليون دولار، لكنها في الوقت ذاته تحظى بدعم مالي كبير من أعمال «ميتا» الأساسية.
وقد أسس زوكربيرغ هذه الوحدة في مساحة عمل منفصلة داخل المقر الرئيس للشركة في «مينلو بارك» بكاليفورنيا، لتكون معزولة عن بقية أعمال الذكاء الاصطناعي في الشركة، والتقى بأعضاء الفريق فور انضمامهم.
ويتولى قيادة المختبر كلٌّ من ألكسندر وانغ الرئيس التنفيذي السابق لشركة «سكيل إيه آي»، ونات فريدمان الرئيس السابق لمنصة «جيت هاب». وتحاط أعمال المختبر بسرية تامة عن بقية أقسام الشركة، ما جعل المستثمرين، وحتى العاملين داخل ميتا.
يفتقرون إلى رؤية واضحة حول رسالته وميزانيته. وقال مصدر مطلع على عمل المختبر، إنه لم يتم مشاركة الاستراتيجية بشكل واضح مع الموظفين حتى الآن، إذ لا يزال الفريق قيد التشكيل، ويعمل في عزلة تامة داخل «ميتا».
وأشار إلى أن بوصلة الشركة تتجه نحو «الذكاء الفائق الشخصي»، الذي يتيح للأفراد هامشاً أكبر للتأثير الإيجابي في العالم، وفقاً لاختياراتهم، بدلاً من توجيه التقنية حصرياً نحو الأتمتة وزيادة الإنتاجية.
ولا يعد هذا أول رهان كبير يخوضه زوكربيرغ في مجال التكنولوجيا الجديدة، فخلال طفرة الأصول الرقمية عام 2022، استغل زوكربيرغ سلطته كمالك لحصة الأغلبية لتغيير اسم الشركة إلى «ميتا»، تعبيراً عن تركيزه على خطة لبناء عالم رقمي يعجّ بالشخصيات الافتراضية (أفاتار).
تحت مسمى «الميتافيرس»، لكن هذه الرؤية مُنيت بإخفاق ذريع، إذ لم تجد صدى لدى الجمهور، وأثارت فاتورتها الباهظة سخط المستثمرين في وول ستريت، ما دفع سهم ميتا للهبوط إلى أدنى مستوياته في ست سنوات.
وبعد النجاح المدوي لـ«شات جي بي تي» من «أوبن إيه آي»، يرى زوكربيرغ أن تحقيق السبق في التكنولوجيا التحويلية القادمة، بات ضرورة وجودية للحفاظ على مكانة ميتا كعملاق للمنصات الاجتماعية والإعلانية.
وكشفت مصادر مطلعة عن أن وعد زوكربيرغ بالذكاء الاصطناعي في عالم الشبكات الاجتماعية، يتمثل في ابتكار رفقاء رقميين، وتوليد محتوى شخصي لا محدود، لتعزيز تفاعل المستخدمين، إلى جانب تقديم إعلانات عالية الاستهداف. وقد تم بالفعل دمج منصة التواصل الاجتماعي «إكس» التابعة لإيلون ماسك، في شركته المتخصصة في الذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي».
وأسهمت جهود «ميتا» في الذكاء الاصطناعي في أتمتة الإعلانات، وتعزيز قدرة محرك التوصيات الخاص بها، فيما تخوض الشركة منافسة شرسة مع شركات ناشئة، مثل «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك»، المدعومة بمليارات الدولارات من رأس المال الاستثماري، الذي يراهن على وعود النمو والربحية على المدى البعيد.
في المقابل، كثف عمالقة التقنية، مثل غوغل وأمازون، الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، رغم ما تواجهه من بعض الانتقادات من مستثمريها، لكن المساهمين في ميتا تعاملوا بإيجابية مع توجه زوكربيرغ نحو الذكاء الاصطناعي، ما انعكس في ارتفاع أسهم الشركة بنسبة 20 % منذ بداية العام الجاري.
مع ذلك، يتعين على زوكربيرغ الحفاظ على دعم المستثمرين لاستراتيجيته، خاصةً مع التوسع اللافت الذي أطلقه مؤخراً في عمليات التوظيف، متجاوزاً منافسيه من حيث الحجم والوتيرة.
وتشير التوقعات إلى أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي، ستمثل رافعة قوية لمنظومة ميتا الإعلانية، لكن المحللين الماليين عبّروا عن «تحفظهم إزاء قدرة ميتا على التحول لمنصة الذكاء الاصطناعي المفضلة» للمستخدمين.
وكشفت دراسة أعدها بنك بي إن بي باريبا، عن أن استقطاب كفاءات الذكاء الفائق قد يزيد فاتورة البحث والتطوير السنوية، بما يتراوح بين 1.5 و3.5 مليارات دولار إضافية.
وقال برينت ثيل محلل الأسهم في «جيفريز»، إن حملة التوظيف المكثفة في مجال الذكاء الاصطناعي، تشير إلى «درجة عالية من الإلحاح»، لكنها «قد تضغط على الأرباح في الأمد القصير».
من جانبه، أبدى زوكربيرغ ثقته في أن هذا الرهان سيؤتي ثماره، موضحاً في مقابلة مع موقع «ذا إنفورميشن» الشهر الماضي، أن مئات المليارات من الدولارات التي يتم ضخها في البنية التحتية والكوادر، يمكن أن تدعمها «قوة نموذج أعمال ميتا»، والذي يدر الكثير من رأس المال.
وكان زوكربيرغ قد شرع منذ مارس الماضي في إعداد قائمة تضم نخبة باحثي الذكاء الاصطناعي، قبل إطلاق حملة توظيف مركّزة، لبناء فريق متخصص في تطوير الذكاء الفائق – ذلك المستوى المتقدم من الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز القدرات البشرية.
وقد استقطب بالفعل نحو 50 من أبرز الباحثين في هذا المجال إلى مختبره السري، المكلف بتوسيع آفاق إمكانات ميتا الحالية في الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير الجيل التالي من نموذج «لاما». ورغم أن هذا الفريق يعمل منفصلاً عن بقية أقسام الشركة، إلا أنه سيتولى أيضاً الإشراف على جهود «ميتا» الأوسع في الذكاء الاصطناعي.
وفي خطوة نوعية، أعلنت «ميتا» منذ أيام، تعيين الباحث البارز في «أوبن إيه آي»، شينج جيا تشاو، أحد المساهمين في تطوير «تشات جي بي تي»، في منصب كبير علماء الذكاء الاصطناعي في المختبر.
وقد أثارت موجة استقطاب المواهب التي تجتاح وادي السيليكون، ردود فعل غاضبة لدى البعض حيث توجه الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، سام ألتمان، بانتقاد غير مباشر لـ«ميتا»، واصفاً إياها بأنها شركة من «المرتزقة»، تفتقر إلى رؤية أو رسالة واضحة، ولا يحركها سوى السعي وراء الربح.
اقرا ايضا:
«مارك زوكربيرغ »: «شركة ميتا» ستعتمد بشكل مكثف على الذكاء الاصطناعي في كتابة الأكواد البرمجية
«مارك زوكربيرج» : نعمل على تطوير نموذج ذكاء خارق يتناسب مع أولويات كل شخص في العالم
«مارك زوكربيرج» : الذكاء الاصطناعي ساهم في قضاء المستخدمين وقت أطول أمام «فيسبوك» و«انستجرام»
إيرادات «ميتا» ترتفع لـ 47.5 مليار دولار بالربع الثاني 2025 بدعم من نمو الإعلانات والذكاء الاصطناعي