محمد رضا: «البنك المركزي» أمام فرصة لمواصلة خفض الفائدة.. لكن التحديات التمويلية قد تؤجل التيسير الكبير لما بعد إصدار الصكوك
فنتيك جيت: محمد نور
قال محمد رضا، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربي، إن اتجاه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري بات واضحاً نحو دورة التيسير النقدي لأول مرة منذ أربع سنوات ونصف، والتي بدأها المركزي في أبريل 2025 بخفض سعر الفائدة بنحو 2.25%، ثم تبعها بخفض إضافي بمقدار 1% في مايو، لتتراجع الفائدة إلى 24% للإيداع و25% للإقراض، بينما أبقى عليها دون تغيير في اجتماعه الأخير الشهر الماضي، مفضلاً التريث ومراقبة التطورات الاقتصادية.
عدة متغيرات جوهرية
وأضاف رضا أنه مع اقتراب موعد الاجتماع الخامس للجنة في أغسطس 2025، تبرز عدة متغيرات جوهرية تعزز فرص خفض الفائدة، من بينها انخفاض معدلات التضخم وأسعار المستهلكين، واستقرار الموارد الدولارية للاحتياطي النقدي، وارتفاع سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، إلى جانب زيادة التدفقات الدولارية الناتجة من استثمارات المحافظ الأجنبية (الأموال الساخنة) التي يسعى المركزي للحفاظ عليها.
كما أشار إلى قيام البنك المركزي برفع جميع القيود على تدبير الدولار الأمريكي سواء للشركات أو الأفراد، بما يشمل استخدام بطاقات الدفع أو تدبير احتياجات السفر، فضلاً عن التحسن الطفيف في مؤشر مديري المشتريات، بجانب التغيرات التشريعية الأخيرة مثل تعديلات ضريبة القيمة المضافة، وترقب بعض قرارات رفع الدعم عن المحروقات قبل نهاية 2025، بالإضافة إلى الإصدار المرتقب للديون بالعملات الأجنبية، والتوترات الجيوسياسية الراهنة وتداعياتها.
تراجع معدلات التضخم
وأوضح أن معدلات التضخم تراجعت للشهر الثاني على التوالي، حيث انخفض المعدل السنوي خلال الشهرين الماضيين بنحو 290 نقطة أساس، مسجلاً 13.9% في يوليو 2025 مقارنة بـ16.8% في مايو، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وفي حال استمرار هذا الاتجاه، قد يتراجع التضخم بقراءة أغسطس إلى حدود 12%، بينما يستهدف البنك المركزي وصول التضخم تدريجياً إلى 7% بزيادة أو نقص 2% بحلول الربع الأخير من 2026. وعلى صعيد شهري، سجل المؤشر القياسي لأسعار المستهلكين (CPI) تراجعاً بنسبة 0.6% في يوليو مقارنة بيونيو 2025.
عقود مبادلة مخاطر الائتمان
وأشار رضا إلى أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان (Credit Default Swaps) للديون السيادية المصرية تراجعت بنسبة 7.1% منذ الاجتماع الماضي، لتنخفض من 472.3 نقطة أساس إلى 438.5 نقطة أساس، كما انخفضت الفائدة على أذون الخزانة لأجلي 3 و9 أشهر في العطاءات الأخيرة للبنك المركزي، وهو ما يعكس انحسار ضغوط السيولة في سوق الدين المحلي. وأضاف أن ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار يقلل من الضغوط التضخمية المستوردة أو يساعد في بقائها عند مستوياتها الحالية، بالتزامن مع مبادرات حكومية لخفض الأسعار.
كما أوضح أن مؤشر مديري المشتريات في القطاع الخاص غير النفطي ارتفع إلى 49.50 نقطة في يوليو مقابل 48.80 نقطة في يونيو 2025، وإن كان لا يزال دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين الانكماش والنمو، مشيراً إلى أن المؤشر منذ عام 2012 وحتى 2025 بلغ متوسطه 48.03 نقطة، ووصل إلى أعلى مستوياته عند 52.50 نقطة في نوفمبر 2013، وأدنى مستوى قياسي له عند 29.70 نقطة في أبريل 2020.
دورة التيسير النقدي
وأكد رضا أن هذه العوامل مجتمعة تعزز فرص استئناف البنك المركزي لدورة التيسير النقدي التي بدأها في أبريل، وتمثل دعماً قوياً لخفض أسعار الفائدة بمعدلات تتراوح بين 1% و3%، وهو ما يمنح المركزي نطاقاً أوسع لتخفيف السياسة النقدية دون إثارة اضطرابات في سوق الصرف أو السيولة.
غير أن رضا شدد على وجود اعتبارات معاكسة قد تدفع البنك المركزي إلى التريث، في مقدمتها التوقعات الخاصة برفع أسعار الكهرباء والغاز خلال الفترة المقبلة، إلى جانب خطط إصدار صكوك بالدولار الأمريكي في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين، فضلاً عن الرغبة في الحفاظ على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، أو ما يعرف بالأموال الساخنة، ما يستدعي الإبقاء على عوائد مرتفعة للحفاظ على جاذبية السوق.
دورة خفض الفائدة
واختتم محمد رضا تصريحه قائلاً: “المشهد الحالي يرجّح استكمال دورة خفض الفائدة بدعم من تراجع التضخم وارتفاع الجنيه وتحسن مؤشرات الأسواق، لكن في المقابل فإن احتياجات التمويل الخارجي وتوقيت إصدار الصكوك قد تدفع البنك المركزي إلى الاكتفاء بخفض محدود أو تأجيل أي تيسير كبير إلى ما بعد الإصدار، لضمان التوازن بين دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على التدفقات الدولارية واستقرار الأسواق المالية”.
اقرأ ايضا:
أسعار الذهب اليوم السبت.. انخفاض محلي مع ترقب اجتماع «جاكسون هول» و «الفائدة الأمريكية»
الخبير الاقتصادي «هاني جنينه»: 6 أسباب قد تدفع «المركزي المصري» لخفض الفائدة بنسبة 3% وليس 2%
«بنك إنجلترا» يخفض الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4% تماشيا مع التوقعات