«الإنتربول»: أفريقيا تواجه خسائر بقيمة 3 مليارات دولار بسبب الجرائم السيبرانية

فينتك جيت: مصطفى عيد

كشف تقرير تقييم التهديدات السيبرانية في أفريقيا الصادر عن «الإنتربول» في يونيو أن أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في القارة تعتبر الجرائم المرتكزة على التكنولوجيا أو المدعومة بها تشكل نسبة «متوسطة» إلى «عالية» من إجمالي الجرائم. وتشير الإحصاءات إلى أن الجرائم السيبرانية تمثل أكثر من 30% من الجرائم المبلغ عنها في غرب وشرق أفريقيا، مع تقديرات لخسائر مالية تجاوزت 3 مليارات دولار بين 2019 و2025.

وحذّر التقرير من أن «المجرمين يستغلون بشكل متزايد قنوات الاتصال المختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية، تماشياً مع الاتجاهات التكنولوجية والاجتماعية الإقليمية». وتعمل الشبكات المحلية والدولية على استغلال نقاط الضعف البشرية عبر تقنيات خداع متقدمة لاستهداف المؤسسات والأفراد.

الاحتيال الإلكتروني: التهديد الأبرز

يظل الاحتيال الإلكتروني التهديد الأمني الأول في أفريقيا خلال 2024. يستغل المجرمون نشاط الإنترنت المتنامي، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى التجارة الإلكترونية والخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة، لارتكاب عمليات الاحتيال.

ويعد التصيد الاحتيالي (Phishing) التقنية الأكثر شيوعاً، حيث يمثل 34% من الحوادث المسجلة. يقوم المهاجمون بانتحال مؤسسات موثوقة عبر البريد الإلكتروني أو التطبيقات أو مواقع وهمية لخداع الضحايا للكشف عن معلومات حساسة، مما يمكّنهم من الوصول غير المصرح به وسرقة الهوية والاحتيال المالي.

كما تتزايد «عمليات الاحتيال العاطفي» خاصة في غرب أفريقيا (نيجيريا، غانا، كوت ديفوار، بنين)، حيث يبني المحتالون الثقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المراسلة أو مواقع المواعدة ثم يحثون الضحايا على إرسال الأموال أو الاستثمار في مشاريع عملات رقمية وهمية.

برامج الفدية: أحد أغلى التهديدات

أصبحت هجمات برامج الفدية (Ransomware) من أخطر وأغلى التهديدات السيبرانية في 2024، مستهدفة الحكومات والشركات والخدمات الحيوية. وتشمل الدول الأكثر تضرراً جنوب أفريقيا، مصر، نيجيريا، كينيا، غامبيا، المغرب، تونس، الجزائر، إثيوبيا، كوت ديفوار، وبنين.

تقوم الهجمات بقفل أنظمة تكنولوجيا المعلومات أو تشفير الملفات وجعلها غير قابلة للاستخدام، مع طلب فدية غالباً بالعملات الرقمية. وتجمع مجموعات مثل «Lockbit» بين التشفير وتهديدات بنشر البيانات المسروقة إذا لم يتم الدفع.

ومن الأمثلة في 2024: خسارة شركة التكنولوجيا المالية «Flutterwave» النيجيرية نحو 7 ملايين دولار في أبريل، وتعطل شبكة الكهرباء الكاميرونية «ENEO»، وتسريب بيانات في سلطات الطرق الحضرية وشركات المشاريع الصغيرة والمتوسطة في كينيا، واختراق مكتب الإحصاءات الوطني في نيجيريا، وفقدان 1.6 تيرابايت من بيانات وزارة الدفاع في جنوب أفريقيا، وتسريب 626.3 جيجابايت من بيانات «Telecom Namibia» في ناميبيا لأكثر من 619,000 عميل.

اختراق البريد الإلكتروني للأعمال (BEC)

ينتشر كذلك اختراق البريد الإلكتروني للأعمال بشكل واسع. وأفاد شركاء إنتربول من القطاع الخاص أن 11 دولة أفريقية تركز معظم نشاطات BEC، مع تصدّر نيجيريا وغانا وكوت ديفوار وجنوب أفريقيا. ويستهدف القطاع المالي بشكل خاص الشركات التي تجري معاملات دولية متكررة وتفتقر لضوابط أمنية قوية.

تجمع هجمات BEC بين التصيد الاحتيالي والهندسة الاجتماعية لخداع الموظفين والتلاعب بالمدفوعات، حيث ينتحل المجرمون صفة المدراء أو الشركاء أو المسؤولين الحكوميين للحصول على تحويلات مالية غير مشروعة أو تعديل بيانات الحسابات البنكية.

وفي غرب وجنوب أفريقيا، يستخدم المحتالون نطاقات شبيهة أو عناوين بريد إلكتروني معدلة قليلاً، إلى جانب الاحتيال المرتبط بالفواتير وطلبات الدفع، مع دور بارز لشبكة «Black Axe» في الاحتيالات.
في نوفمبر 2024، حكمت محكمة أمريكية على المواطن النيجيري «Babatunde Ayeni» بالسجن 10 سنوات لتورطه في مخطط BEC استهدف معاملات عقارية، ما أثر على أكثر من 400 ضحية وسرق 19.6 مليون دولار.

الابتزاز الرقمي

أصبح الابتزاز الرقمي (Sextortion) جريمة سيبرانية رئيسية في أفريقيا خلال 2024، حيث أبلغ أكثر من 60% من الدول التي شملها الاستطلاع عن زيادة في الحوادث. وتشمل هذه الجريمة تهديد الضحايا بنشر صور جنسية صريحة دون موافقة، غالباً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في الابتزاز في موريتانيا، مصر، مالي، والمغرب. الدوافع غالباً مالية، لكنها قد تشمل الانتقام أو العقاب أو التشهير بالسمعة.

اقرأ ايضا:

«كاسبرسكي» تتعاون مع «الإنتربول» في توقيف أكثر من1200 مشتبه بهم واسترداد 97 مليون دولار بأفريقيا

«كاسبرسكي» تتعاون مع «الإنتربول» لمواجهة تهديدات برمجيات سرقة المعلومات

«كاسبرسكي» تتعاون مع الإنتربول لمكافحة الجرائم السيبرانية خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024