فينتك جيت: وكالات
تواجه كبرى منصات الحجز الإلكتروني صعوداً خطيراً لـ «وكلاء» الذكاء الاصطناعي، لذا، شرعت هذه المنصات في عقد شراكات مع شركات مثل «أوبن إيه آي» للتعامل مع التكنولوجيا التي باتت قادرة على ترتيب رحلات السفر للعملاء، دون الحاجة إلى خدماتها المباشرة.
واتخذت منصتا «بوكينغ دوت كوم» و«إكسبيديا»، خطوات لتبنّي ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، اعتماداً على نماذج «أوبن إيه آي»، بهدف أتمتة الخدمات وإطلاق أدوات جديدة، منها مخططات الرحلات.
أما «إير بي إن بي»، فقد أطلقت خدمة عملاء تعتمد على وكيل ذكاء اصطناعي، يجيب عن استفسارات المستخدمين، وتخطط لإضافة المزيد من خدمات الوكلاء إلى منصتها خلال العام المقبل.
يأتي ذلك، على خلفية التطورات اللافتة لعالم «وكلاء الذكاء الاصطناعي»- وهي روبوتات مستقلة، قادرة على اتخاذ إجراءات بالنيابة عن المستخدمين — مع تصميمها خصيصاً لترتيب رحلات السفر، استناداً إلى التفضيلات الفردية لكل مستخدم.
ومن شأن ذلك أن يقلب الأمور رأساً على عقب في سوق السفر العالمي، البالغ حجمها 1.6 تريليون دولار، ما سيسمح بالوصول لمزيد من الفنادق وشركات الطيران بصورة مباشرة، وهو ما قد يعيق نموذج أعمال وكلاء السفر المهيمنين على الإنترنت، الذين يعتمدون على رسوم العمولات التي يفرضونها على هذه الشركات.
وقال غلين فوغل، الرئيس التنفيذي لدى «بوكينغ هولدينغز»، التي تمتلك منصتي «برايس لاين» و«بوكينغ دوت كوم»: «لسنا مضطرين إلى فعل ما تقوم به أوبن إيه آي، أو غوغل، أو غروك، أو ميتا، فهم مضطرون إلى استثمار كميات ضخمة من الأموال لتطوير هذه النماذج. ونعتقد أنه طالما كنا نعمل بصفة وثيقة معهم، فسنكون قادرين على المشاركة بشكل يتيح عائداً رائعاً لعملائنا وشركائنا».
وبدأت شركة «أنثروبيك» الناشئة في أواخر عام 2024، بإطلاق وكيل يشغّله الذكاء الاصطناعي، بإمكانه اتخاذ إجراءات في متصفحات الإنترنت، بينما أطلقت منافسات لها مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل»، خدمات مماثلة هذا العام.
ويرحب قطاع الفنادق بالآفاق التي تحملها هذه التكنولوجيا في طياتها، خاصة أن القطاع شكا كثيراً من الرسوم التي تتقاضاها منصات السفر عبر الإنترنت، والتي يمكن أن تتراوح بين 15% و20%.
وأعلنت «هوتريك»، وهي مجموعة أوروبية للفنادق، أن وكلاء الذكاء الاصطناعي أظهروا «إمكانات كبيرة» في تقليل اعتماد أصحاب الفنادق على وكلاء السفر عبر الإنترنت.
ولفت ماكس نيدرهوفر، الشريك لدى «هارتكور كابيتال»، التي تستثمر بشركات سفر ناشئة، مثل «غيت يور غايد»، إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي من شأنهم المساعدة في توسيع النطاق المُحتمل لمقدمي الخدمات الذين يستخدم المسافرون خدماتهم لإيجاد العقارات. وأوضح: «تُعد وكالات السفر عبر الإنترنت طفيلية في الأساس».
وأفاد مسؤول تنفيذي بارز في سلسلة فنادق عالمية، بأن «بوكينغ» و«إكسبيديا» قضتا وقتاً أطول في التواصل خلال الأشهر الأخيرة، وسط مخاوف من أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تخرجهم من الساحة عند سعي العملاء إلى حجز أماكن الإقامة.
وبيّن إريك شيريدان، المحلل لدى «غولدمان ساكس»: «كان هناك ميل طبيعي، وما زال موجوداً في أوساط المستثمرين، إلى أن صناعة وكلاء السفر ستمنى بالخسارة في عالم يحتل فيه الذكاء الاصطناعي المرتبة الأولى».
مشيراً إلى أن المخاوف بشأن التكنولوجيا تلقي بظلالها على أسعار أسهم شركات وكلاء السفر عبر الإنترنت، علاوة على تداعيات ضعف الطلب الاستهلاكي الأمريكي.
وتتماشى أسهم «بوكينغ» و«إكسبيديا» مع أداء مؤشر «ناسداك» المُركّب، الحافل بشركات التكنولوجيا هذا العام، لكنها لم تشهد أداء مرتفعاً مثل ذلك الذي حققته سوق شركات التكنولوجيا الأوسع نطاقاً، إذ تراجعت أسهم «إير بي إن بي» نحو 6% هذا العام.
وحاول وكلاء السفر عبر الإنترنت التقليل من هذه المخاوف، بتسليطهم الضوء على البنية التحتية لدعم العملاء، إلى جانب البيانات الهائلة التي تتوفر لديهم، بما في ذلك تفضيلات المستخدمين.
والمخزون الجاهز من العقارات الذي يدعم خدماتها. وشدد الوكلاء على أن نسخ هذا النموذج، سيمثل استنزافاً هائلاً لوقت كبرى شركات التكنولوجيا ومواردها.
وقال خواكين كويديك كبير مسؤولي التسويق في «إكسبيديا»: «لدينا قدر كبير من البيانات بشأن سلوك السفر، ويُظهر ذلك ما يرغب فيه مسافرونا. وهذه هي قيمة كبرى حقيقية. وليس من السهل بالمرة بناء وكالة للسفر عبر الإنترنت».
وتوصلت «بوكينغ دوت كوم» إلى اتفاق مع «أوبن إيه آي» في 2023، لتطوير مجموعة من الأدوات، تشمل «مخطط رحلات مدعوم بالذكاء الاصطناعي». ويستخدم هذا المخطط العقارات التي تمتلكها «بوكينغ»، وأسعارها، علاوة على بيانات التوافر، وذلك بهدف تحسين النموذج بما يناسب احتياجات عملائها.
وصرح بريان تشيسكي الرئيس التنفيذي لـ «إير بي إن بي»، للمستثمرين في أوائل أغسطس الماضي، بأن المنصة ستصبح «أكثر تخصيصاً، وأكثر اعتماداً على خدمات الوكلاء» خلال العام المقبل.
واستطرد: «لن يخبرك الوكيل بكيفية إلغاء حجزك فحسب، بل سيعلم أي حجز ترغب في إلغائه. ويقوم بإلغائه نيابة عنك. وبإمكانه أن يبدأ البحث، ومساعدتك على تخطيط رحلتك التالية وحجزها».
وخلافاً لشركة «أمازون»، لم تحظر وكالات السفر الكبرى عبر الإنترنت برمجيات المسح المُصممة لاستخلاص المحتوى لصالح محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي والوكلاء، مثل «أوبريتور» ومتصفح «كوميت» التابع لشركة «بيربلكسيتي».
وقال فوغل بأن «بوكينغ هولدنغز» لن تستبعد إمكانية حظر برمجيات المسح في المستقبل. وأضاف: «في مرحلة التطوير الحالية، تعتقد بأنه من الجيد خوض نقاشات. ولا يعني ذلك أننا لن نحظر هذه البرمجيات في المستقبل».
اقرا ايضا:
فاينانشيال تايمز : الذكاء الاصطناعي يفشل في مجال صناعة الأدوية
«جيجامون» تعزز حضورها الإقليمي في السعودية وتقدم حلول المراقبة العميقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي