«رئيس القطاع المالي بـCIB»: الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد التحليل المالي وصناعة القرار في البنوك

فينتك جيت: ريهام علي

أكد إسلام ذكري، الرئيس التنفيذي للقطاع المالي والاستراتيجي بالبنك التجاري الدولي (CIB)، أن الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم التحول الأعمق في مسار الاقتصاد العالمي، حيث لم يعد مجرد تكنولوجيا مساعدة، بل أصبح أداة رئيسية لإعادة صياغة مفهوم الإنتاج، والكفاءة، وصناعة القرار المالي والنقدي على مستوى المؤسسات والدول.


التحول الأعمق

وقال ذكري، خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي الذي تنظمه جامعة القاهرة، إن النقاش حول الذكاء الاصطناعي عادة ما يتركّز على الجوانب التقنية والهندسية، في حين أن البعد الاقتصادي للذكاء الاصطناعي هو الأكثر تأثيرًا والأقل تناولًا في المحافل العامة، مؤكدًا أن ما يحدث اليوم هو ثورة اقتصادية قائمة على البيانات والتحليل الذكي، وليست مجرد طفرة في البرمجة أو الخوارزميات.


بنية تحتية متطورة

وأضاف أن البنوك المصرية كانت سبّاقة في الاستثمار في بنية تحتية معلوماتية متطورة خلال السنوات الماضية، مكّنتها من التحول نحو نموذج عمل يعتمد على البيانات والتحليل التنبؤي، موضحًا أن البنك التجاري الدولي بدأ هذا التحول مبكرًا منذ عام 2014 بإنشاء أول مركز متخصص في علوم البيانات (Data Science Lab) في القطاع المصرفي المصري، وهو ما جعله من أوائل المؤسسات التي دمجت تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية والتحليلية.


ميزة تنافسية

وأوضح أن هذه المبادرة لم تكن ترفًا تقنيًا بل رؤية استراتيجية لبناء ميزة تنافسية قائمة على تحليل البيانات العميق والتعلم الآلي، مشيرًا إلى أن البنك استثمر في تطوير خوارزميات تساعد في التنبؤ بالمخاطر، وتحسين نماذج التسعير، وتحديد الاتجاهات السوقية بدقة عالية، ما أسهم في رفع كفاءة رأس المال وتقليل معدلات الخطأ البشري في اتخاذ القرار المالي.


نماذج ديناميكية

وأشار ذكري إلى أن الذكاء الاصطناعي غيّر جذريًا طريقة البنوك في تحليل المخاطر والتعامل مع الأسواق، موضحًا أن القطاع المصرفي انتقل من مرحلة الاعتماد على النماذج الخطية الثابتة التي تفترض استقرار العلاقات بين المتغيرات الاقتصادية، إلى مرحلة النماذج الديناميكية التي تدمج البيانات الكمية والنوعية في الوقت الحقيقي.


تحليل لحظي

وقال إن البنك التجاري الدولي يستخدم اليوم نماذج تحليلية متقدمة تجمع بين البيانات الرقمية المنظمة (Structured Data) مثل معدلات الفائدة وأسعار الصرف، والبيانات غير المنظمة (Unstructured Data) مثل الأخبار، وتحليلات المستهلكين، وتوجهات الرأي العام، مضيفًا أن هذا الدمج مكّن البنك من قراءة السوق بدقة متناهية، واتخاذ قرارات مبنية على المعلومة اللحظية بدلاً من المؤشرات المتأخرة.


تسعير ديناميكي

وأضاف ذكري أن الذكاء الاصطناعي رفع مستوى التفاعل مع الأسواق والقدرة على الاستجابة السريعة للمتغيرات الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن الفارق الزمني بين استقبال البيانات وتحويلها إلى قرارات مالية أصبح أقصر من أي وقت مضى، وهو ما انعكس على تحسين كفاءة إدارة السيولة وتوقعات المخاطر والتسعير الديناميكي للفائدة والعملات.


جيل جديد من النماذج

وأوضح أن التطور في البنية التحتية المعلوماتية والهندسية كان عنصرًا حاسمًا في تمكين المؤسسات المالية من تطبيق هذا التحول، مؤكدًا أن الجيل الجديد من نماذج الذكاء الاصطناعي (Generative AI) يتيح الآن تحليل بيانات غير مسبوقة الحجم والتعقيد، مما يجعل اتخاذ القرار المالي أكثر دقة ومرونة.


الاستثمار في الكفاءات

وأكد إسلام ذكري أن البنك التجاري الدولي واجه في بداياته تحديًا في استقطاب الكفاءات البشرية المؤهلة في مجالات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، موضحًا أن نقص رأس المال البشري المتخصص في 2014 دفع البنك للاستثمار في بناء كوادره الداخلية وتدريب فرق العمل المصرية الشابة بالتعاون مع الجامعات المحلية والدولية، لافتًا إلى أن هذا الاستثمار في العقول أتى ثماره خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبح لدى البنك فريق مصري كامل يقود منظومات التحليل الذكي والابتكار المالي.


الاستثمار في العقول

وقال “كنا في البداية نبحث عن الكفاءات المصرية بالخارج، أما اليوم فنفخر بأن لدينا في الداخل عقولًا مصرية قادرة على بناء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بأعلى المستويات العالمية. هذه هي أعظم استثماراتنا.”


السياسة النقدية

وفي سياق تحليله لتأثير الذكاء الاصطناعي على السياسة النقدية وصناعة القرار الاقتصادي، أوضح ذكري أن الذكاء الاصطناعي ألغى فكرة الزمن المؤجل في تحليل الأسواق، إذ لم تعد البنوك تنتظر بيانات شهرية أو ربع سنوية لتقييم الاتجاهات، بل أصبحت تتعامل مع البيانات في الزمن الفعلي (Real Time) عبر نظم تحليل لحظية قادرة على دمج المعلومات المالية، وسلوك السوق، وتفاعلات المتعاملين بشكل مستمر.


تجارب عالمية

وأشار إلى أن صناع القرار في البنوك المركزية حول العالم، مثل البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يستخدمون بالفعل نماذج ذكاء اصطناعي تحليلية وسلوكية لتقدير أثر قرارات أسعار الفائدة، ولتطوير آليات إيصال القرار النقدي بفعالية إلى الأسواق والمواطنين، موضحًا أن هذه التجربة بدأت تجد صداها في السوق المصري أيضًا.


اقتصاد لحظي

وأضاف “الذكاء الاصطناعي لم يعد فقط أداة للتنبؤ، بل أصبح أداة للتواصل. إنه يساعد صانع القرار على صياغة الرسائل النقدية بدقة، ويقلل من التحيزات السلوكية في استقبالها من قبل السوق.”
وأوضح إسلام ذكري أن الذكاء الاصطناعي سيُسهم على المدى الطويل في تقصير الدورة الاقتصادية، إذ باتت سرعة التفاعل بين الأحداث الاقتصادية والقرارات النقدية أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، مؤكدًا أن العالم يتجه نحو اقتصاد لحظي يعتمد على التحليل المستمر والتعلم الذاتي للأنظمة الذكية.


الإنسان في قلب التحول

وأكد على أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الإنسان، بل يعزز قدرته على التفكير الاستراتيجي وصياغة السياسات الاقتصادية الذكية، مشيرًا إلى أن الاستثمار في التكنولوجيا دون الاستثمار في العقول البشرية لن يحقق التنمية المنشودة، قائلاً “قيمة الذكاء الاصطناعي لا تكمن في الخوارزميات، بل في من يفهمها ويقودها. ومصر تمتلك الآن الكوادر القادرة على تحويل التكنولوجيا إلى تنمية حقيقية.”

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها. على سبيل المثال، نستعرض أهمها في القائمة التالية:

رئيس «البنك الزراعي المصري» يبحث مع وفد من «جمهورية أنجولا» تعزيز التعاون والاستفادة من خبرات البنك في دعم وتمويل القطاع الزراعي

وزير العدل يعين «محمد فاروق» رئيسا لمصلحة الشهر العقارى رغم عدم انتهاء مدة رئيس القطاع السابق