«خبيرة»: دمج مصادر البيانات الجديدة مع النماذج الاقتصادية ضرورة لصناعة قرار نقدي أكثر دقة

فينتك جيت: ريهام علي

أكدت الدكتورة نهى يوسف، أستاذ علوم البيانات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن التطور التقني السريع خلال السنوات الأخيرة خلق تحولًا نوعيًا في الطريقة التي تُبنى بها السياسات النقدية، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لم يأتيا ليحلا محل الأساليب الاقتصادية التقليدية، بل ليضيفا لها طبقات جديدة من البيانات والمعرفة ويعززا قدرة المؤسسات على قراءة الواقع الاقتصادي في لحظته الحقيقية.

وقالت خلال مشاركتها في جلسة الذكاء الاصطناعي لتمكين السياسات النقدية إن عصر ما قبل الذكاء الاصطناعي كان يعتمد على علم الإحصاء والاقتصاد الكلاسيكي كمصدر أساسي لتفسير البيانات واتخاذ القرار.
وأضافت مع تطور البرمجيات وتوسع قدرة الحوسبة، ظهرت تقنيات متقدمة تتيح الوصول إلى بيانات لم تكن متاحة من قبل، ودون تكاليف ضخمة أو مدد زمنية طويلة.

مصادر بيانات إضافية ومتكاملة

وأوضحت أن وصف هذه البيانات بـ«البديلة» ليس دقيقًا، لأن ما توفره نماذج الذكاء الاصطناعي اليوم ليس بديلًا، بل “مصادر بيانات إضافية ومتكاملة” تعيد تشكيل الصورة التي تُبنى عليها القرارات الاقتصادية. وأضافت أن البيانات التي كانت تعتمد عليها المؤسسات في السابق – مثل التقارير الدورية والاستقصاءات – لم تعد وحدها كافية في بيئة تتغير فيها الأسعار والسلوكيات الاقتصادية بشكل لحظي.

وأكدت أن التحول الأكبر اليوم هو القدرة على دمج أنواع مختلفة من البيانات في نموذج واحد، موضحة «لدينا اليوم بيانات تقليدية كنا نعتمد عليها منذ سنوات، لكن أصبح بجانبها بيانات يتم استخراجها من مواقع الإنترنت، ومنصات التواصل الاجتماعي، وسجلات التجار، وتطبيقات الشراء، وحتى مواقع السوبرماركت. كل هذه البيانات أصبحت متاحة ويمكن دمجها في منظومة واحدة تُظهر صورة الاقتصاد الحقيقي كما هو الآن—not after months.»

ضمان جودة البنية التحتية

وأضافت أن الخطوة الثانية بعد جمع البيانات هي ضمان جودة البنية التحتية التي تحفظها وتنظمها وتتيح إمكانية الوصول إليها والتحقق من خلوّها من الأخطاء والفراغات، مشيرة إلى أن “البيانات غير النظيفة يعني توقعات غير دقيقة، وهذا ما لا يمكن تحمله في مؤسسة بمستوى البنك المركزي”.

وأوضحت أن بناء نماذج الذكاء الاصطناعي لا ينتهي عند مرحلة التنبؤ أو تقديم المخرجات، بل يحتاج إلى طبقة إضافية من الضوابط والشفافية، لأن الاعتماد على مخرجات آلة بدون تفسير لا يمكن أن يكون أساسًا لقرار قد يؤثر على حياة أكثر من مئة مليون مواطن.
وقالت لا يمكن لصانع القرار في السياسة النقدية أن يقبل نموذجًا يقدم رقمًا بلا تفسير. يجب أن نعرف لماذا توصّل النموذج لهذه النتيجة. وما البدائل الممكنة. وكيف سيتغير التوقع إذا تغيّر أحد المتغيرات. لأن أي خطأ—even خطأ صغير—قد تكون تبعاته ضخمة على الاقتصاد كله.»

مساعدًا استراتيجيًا

وأضافت د. نهى أن تحليل السيناريوهات Scenario Analysis هو أحد المكونات الأساسية في النماذج الحديثة. إذ يضمن لصانع القرار رؤية كاملة للبدائل قبل اتخاذ أي خطوة. مشددة على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون “مساعدًا استراتيجيًا” وليس “صندوقًا أسود”.

وأكدت على أن دمج الذكاء الاصطناعي في السياسات النقدية ليس رفاهية، بل ضرورة تفرضها سرعة تغير البيانات عالمياً. مشيرة إلى أن مستقبل السياسة النقدية سيعتمد على النماذج التي تجمع بين:
البيانات التقليدية، البيانات اللحظية، البيانات السلوكية، ونماذج التنبؤ المبنية على الذكاء الاصطناعي.

وقالت نحن أمام مرحلة جديدة لم تعد فيها البيانات رفاهية، بل أساس لسياسة نقدية دقيقة ومتوازنة… ومع هذا التطور. لم يعد السؤال هل نستخدم الذكاء الاصطناعي؟ بل كيف نستخدمه بأعلى مستوى من الدقة والشفافية.»

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: