«هيرميس» ترصد تأثير هبوط النفط على أسواق دول الخليج

فنتيك جيت: مصطفى عيد

أصدرت شركة إى إف جي هيرميس تقريرها السنوي بعنوان The Year Ahead 2026: At a Turning Point، مستعرضة توقعاتها للأسواق الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2026، مع تحليل تأثير الصدمات الخارجية على أداء الأسواق الناشئة.

وفي هذا الإطار، تحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية بين الدول المستفيدة من الصدمات الإيجابية في الأسواق الناشئة. تتميز الدولة بقدرتها على الصمود أمام انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى أن اقتصادها المتنوع يخفف من تأثير الاعتماد على النفط. كما يدعم الطلب المحلي المتنامي، المدعوم بالسياسات المالية التوسعية والنمو السكاني، أداء القطاعات الأكثر استقرارًا نسبيًا في السوق.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن التعرض النفطي أثر سلبًا على هذه النظرة الإيجابية، كما ظهر في أداء الأسواق خلال 2025. فأسهم أبوظبي المرتبطة بالنفط واللوجستيات شهدت أداءً أضعف مقارنة بالأسهم المرتبطة بالطلب المحلي، والتي سجلت أداءً قويًا نسبيًا. ويعتقد التقرير أن السوق يبالغ في التقييم السلبي لهذه الشركات، نظرًا لأنها معزولة إلى حد كبير عن الاتجاهات العالمية ومرتبطة بالسياق المحلي، مما يفتح مجالًا لتعافي محتمل في 2026.

في المقابل، تبرز المملكة العربية السعودية كسوق لا تستفيد من هذا المناخ الخارجي. نظرًا لتعرضها الكبير لانخفاض أسعار النفط، يراقب المستثمرون عن كثب مسار النمو قصير الأجل في المملكة. ويضيف التقرير أن حالة عدم اليقين بشأن خطط الحكومة للإنفاق، خاصة مع الحديث عن إعادة ترتيب المشاريع، أثرت على أداء السوق السعودي، رغم الانخفاض الحاد في أسهم الأسهم هذا العام. ومن ثم، يبدو من الصعب أن يستعيد السوق السعودي قوته في هذا المناخ المستقر نسبيًا.

أما بالنسبة للكويت وقطر، فيرى التقرير أن هذه الصدمات الإيجابية لها تأثير محايد إلى حد كبير على أسواقهما، مما يدفع التركيز أكثر على القصص المحلية. وتشير التوقعات إلى أن الكويت ستشهد عجزًا ماليًا مرتفعًا نسبيًا، إلا أن الوصول المحسن إلى السوق بعد اعتماد قانون الدين العام وتركيز الحكومة على عدة إجراءات لتعزيز الإيرادات يخفف من هذه المخاوف على المدى القريب.

أشار التقرير إلى استمرار النظرة السلبية تجاه أسعار النفط في ظل زيادة المعروض، والمخاوف بشأن الطلب، وتراجع المخاطر الجيوسياسية. بدأ الاتجاه الهبوطي في أبريل بعد قرار أوبك+ تعديل سياساتها، بما في ذلك التراجع عن تخفيضات الإنتاج السابقة لضمان التزام الأعضاء بحصصهم الإنتاجية. وافقت المجموعة على إلغاء 2.2 مليون برميل يوميًا من التخفيضات في سبتمبر، إلا أن التنفيذ الفعلي لم يحقق الأهداف المتوقعة.

تشير البيانات الأخيرة إلى أن الإنتاج انخفض في نوفمبر إلى أقل من سقف الحصة المقررة، حيث خفض 18 عضوًا من أصل 22 مشاركًا في الاستطلاعات إنتاجهم بمقدار 38 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 36.17 مليون برميل يوميًا. وبذلك انخفض إجمالي الإنتاج بأكثر من 400 ألف برميل يوميًا مقارنة بحصة المجموعة.

وعلى صعيد الطلب، رغم استمرار نمو استهلاك النفط، إلا أن التوقعات لا تزال مشوبة بالقلق بشأن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين. من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤًا أكبر في 2026 نتيجة لتأثير الحرب التجارية وتراجع الحوافز المالية، بينما تبدو التوقعات الأمريكية متباينة، فبينما يدعم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي الاقتصاد، إلا أن التضخم المرتفع وتراجع الدخل يضغطان على سوق العمل والنشاط الاقتصادي بشكل عام.

تضيف العوامل السياسية أبعادًا إضافية على الأسعار، حيث ترى الشركة أن السياسات الحالية لا تدعم انتعاشًا سريعًا لأسعار النفط. لم يكن من قبيل المصادفة أن قررت أوبك+، بقيادة روسيا والسعودية، زيادة مستويات الإنتاج بالتزامن مع إعلان “يوم التحرير”، في خطوة هدفت لدعم الاقتصاد الأمريكي وتقليل المخاطر التضخمية الناتجة عن صدمة التعريفات.

مع استفادة السعودية من تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة بعد زيارة ولي العهد الأخيرة، يبدو من الصعب توقع تغيير كبير في سياسات أوبك+ خلال العام، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات النصفية الأمريكية في نوفمبر 2026، التي يسعى الرئيس وحزبه للفوز بها للحفاظ على أغلبيتهم وتمرير أجندتهم السياسية.

في هذا السياق، تستند توقعات الشركة للنمو الاقتصادي وأرباح الشركات إلى سعر 65 دولارًا للبرميل لعامي 2026 و2027. ورغم بعض التراجع في المخاطر السياسية، إلا أن المخاطر القصيرة الأجل تميل نحو الهبوط بسبب ضعف توقعات الطلب وتباطؤ نمو الناتج المحلي العالمي. كما يمكن أن يؤدي حل النزاع الروسي-الأوكراني إلى ضغط إضافي على الأسعار، إذ قد يسمح برفع العقوبات عن قطاع النفط الروسي، ما يزيد المعروض في السوق.

 

روابط ذات صلة:

«هيرميس» ترصد تأثير هبوط النفط على أسواق دول الخليج

«هيرميس» تحدد القطاعات الرابحة في أسواق المنطقة في 2026

«هيرميس» تتوقع استمرار الأداء القوي لأسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2026 و «مصر» و «الإمارات» الأفضل ونظرة محايدة «للسعودية»