يتجه المغرب إلى السماح بتداول العملات المشفرة التي ظل استعمالها محظورا ومخالفا للقوانين المحلية، حيث أعلن والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أن مشروع قانون بشأن تنظيم استعمال هذه العملات سيرى النور قريبا.
وأشار الجواهري، الذي كان يتحدث خلال ندوة صحفية عقب الاجتماع الفصلي الثاني لمجلس بنك المغرب برسم سنة 2022، إلى أن “لجنة تعمل على وضع إطار تنظيمي مناسب للجمع بين الابتكار والتكنولوجيا وحماية المستهلك” بحسب سكاي نيوز عربية.
وأكد والي البنك المركزي أنه “سيتم أخذ العديد من الجوانب بعين الاعتبار عند صياغة هذا القانون، لا سيما التجارب العالمية في هذا المجال”، مشيرا إلى “أعمال مقارنة جارية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإجراء المشاورات اللازمة بهذا الشأن”.
ويأتي قرار البنك المركزي المغربي ليضع حدا لتحذيرات متوالية من مؤسسات حكومية من هذه العملات، التي يصعب تحديد قيمتها وتتبع مسارها.
وسبق لمكتب الصرف المغربي التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أن أصدر في فبراير 2021، دورية تمنع التعامل بالعملات الرقمية لخطورتها، و”لأن ذلك يشكل مخالفة للقوانين الجاري بها العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات”.
ويقول الخبير القانوني المحامي بهيئة فاس نبيل علواني، إن “موضوع تداول العملات المشفرة عاد وبقوة إلى الساحة المحلية، لا سيما بعد قرار المنع الصادر عن مكتب الصرف وتوالي المتابعات القضائية للأشخاص الذين تبث تعاملهم بهذه العملات الافتراضية، غير أن السياق العالمي وأزمة كورونا فرضا على الساهرين على الشأن الاقتصادي بالمغرب ضرورة التعاطي مع هذا الموضوع، ووضع إطار قانوني ينظم ويحمي مصالح الفاعلين فيه”.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أوضح علواني أن “النقاش الدائر أفرز توجهين، الأول يعارض بشدة تضييق مجال العمل واستثمار الأموال على المنصات الإلكترونية، أولا لأن الحرية كمبدأ عام في الرأسمالية تفرض ذلك، ثانيا لأنه وإذا كان قرار منع تداول هذه العملات استند إلى مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن الوسيلة الأولى لارتكاب هذه الجرائم هي العملات التقليدية، ومع ذلك لم يتم منعها”.
أما التوجه الثاني وفقا للخبير، فيقر بـ”أهمية وراهنية تداول العملات المشفرة، لكنه بالمقابل يراعي حساسية الموضوع وخطورته على الاقتصاد الوطني، فعلى الذي يريد التعامل مع هذا الموضوع أن يستحضر أن له علاقة مباشرة مع قوانين أساسية، وعلى سبيل المثال قانون 12.103 المتعلق بمؤسسات الائتمان، وقانون حماية المستهلك، والمدونة العامة للضرائب، ومدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وقانون الالتزامات والعقود، والقانون الجنائي، وبالتالي ليس من السهل بتاتا التعامل مع الموضوع ويجب أن يأخذ كل الزمن الذي ينبغي لمناقشته”.
ويدعو عدد من الخبراء المغاربة إلى تقنين دولي لاستعمال العملات الرقمية، مؤكدين على ضرورة وضع إطار تنظيمي، يمكّن، إلى جانب تقنين تداول العملات المشفرة، من وضع التشريعات المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكان بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية والهيئة المغربية لسوق الرساميل، قد أثارت انتباه المواطنين إلى المخاطر المرتبطة باستخدام العملات الافتراضية، لا سيما وسط غياب أي حماية للمستهلك وتقلبات أسعار صرف هذه العملات مقابل عملة قانونية، بالإضافة إلى استخدامها لأغراض غير مشروعة أو إجرامية، لا سيما غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويقول علواني إنه “من الجانب التشريعي ينبغي القول بخصوص تداول العملات المشفرة، إن قانون الالتزامات والعقود وضع المبادئ العامة، ومن جهة أخرى فالمبدأ العام هو أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وأن الأصل في الأشياء الإباحة، فضلا عن أن الفصل 339 من القانون الجنائي لا يتعلق بالعملات الافتراضية، أولا لأنه حينما وضع هذا الفصل لم يكن للعملات الافتراضية وجود، ثم إن سياق الفصول السابقة واللاحقة تؤكد بشكل قاطع أن المقصود هو العملات الحقيقية لا الافتراضية”.
تجدر الإشارة إلى أن عملة “بتكوين” وهي الأكثر شهرة من بين العملات المشفرة، تتأرجح بالقرب من المستوى الرئيسي البالغ 20 ألف دولار.
وقد انخفض البيتكوين، الذي فقد 57 بالمئة من قيمته هذا العام، و37 بالمئة في يونيو الماضي وحده، إلى أقل من 20 ألف دولار بداية يوليو، للمرة الأولى منذ ديسمبر 2020.
وبحسب مراقبين، يأتي هذا التراجع في أعقاب الصعوبات التي يواجهها العديد من الفاعلين الرئيسيين في الصناعة، في حين أن المزيد من الانخفاضات قد يكون لها تأثير كبير، حيث يضطر بعض مستثمري العملات المشفرة إلى بيع ممتلكاتهم لتلبية طلبات الهامش وتغطية الخسائر.