كتب: محمد بدوي
تترقب الأسواق العالمية نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، بشأن مستقبل أسعار الفائدة وسط توقعات بأن يحافظ على نطاقها الحالي دون تغيير عند 5.25% إلى 5.5%.
وأكد خبراء ومحللون دوليون لـ “فينتك جيت”، أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يزال حذراً في خفض أسعار الفائدة نتيجة استمرار التضخم وبيانات الوظائف الإيجابية، مشيرين إلى أنه من المرجح أن يشدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على أن أي تخفيضات في أسعار الفائدة ليست مقررة مسبقاً وستعتمد على تطور البيانات الاقتصادية.
وأوضح الخبراء والمحللون أن الفيدرالي الأمريكي يهدف إلى تجنب إيصال رسالة قاطعة بشأن أسعار الفائدة، مع الحفاظ على المرونة للاستجابة للظروف المتغيرة التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي.
ظروف اقتصادية
وقال مارك بوسار، رئيس قسم إدارة المخاطر في شركة أيه بي ام كابيتال: “يترقب الجميع قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القادم، حيث يتوقع المستثمرون والمحللون أن يبقي المجلس على أسعار الفائدة الحالية ضمن نطاق بين 5.25% و5.50%، وذلك بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الراهنة والبيانات الأخيرة حول التضخم والتوظيف.
وأشار بوسار إلى أن بيانات الوظائف غير الزراعية الأخيرة كانت إيجابية بشكل مفاجئ، حيث جاءت أعلى من التوقعات بكثير مسجلة زيادة قدرها 272 ألف وظيفة مقابل توقع بـ 185 ألف. أدى هذا إلى ارتفاع ملحوظ في قيمة الدولار الأمريكي، مع وجود دلالات على أن أسعار الفائدة الأمريكية قد تبقى مرتفعة لفترة أطول من المتوقع سابقاً. ومع دخولنا عام 2024، توقع العديد من المحللين حدوث أربع تخفيضات في أسعار الفائدة خلال العام، إلا أنه لم يتم إجراء أي تخفيضات حتى الآن وقد تجاوزنا منتصف العام. علاوة على ذلك، تشير أداة مراقبة الفيدرالي الأمريكية التابعة لبورصة شيكاغو للسلع إلى توقع حدوث تخفيض واحد فقط في سعر الفائدة لبقية العام.
وتابع: “على الرغم من ذلك، يبدو أن أسواق الأسهم لم تتأثر بشكل كبير ببيانات التوظيف الأخيرة. فمؤشر ناسداك 100، الذي يُعرف بحساسيته الشديدة لتغيرات أسعار الفائدة الأمريكية، لم يشهد أي تحرك يذكر بعد صدور بيانات الوظائف.”
وأضاف بوسار: “شهدت الأرقام الأخيرة للتضخم بعض التباين، حيث جاء التضخم الأساسي في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي أعلى قليلاً من التوقعات. ومع ذلك، تشير النظرة العامة إلى أن التضخم بدأ بالاستقرار، على الرغم من أنه لا يزال أعلى من هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. ربما تنتظر أسواق الأسهم بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي المقرر صدوره في نفس يوم إعلان الفيدرالي، وكذلك رد فعل المجلس، لتحديد المدة التي ستستمر فيها أسعار الفائدة المرتفعة هذه فعلياً.”
سياسة متشددة
من جانبه، قال محمد حشاد، كبير استراتيجي الأسواق في نور كابيتال: “تترقب الأسواق نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي هذا الأربعاء في ظل توقعات بأن يحافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على نطاق أسعار الفائدة الحالي دون تغيير عند 5.25% إلى 5.5%. وبالرغم من أن الفيدرالي يدرك أن سياسته النقدية متشددة، فإنه ما يزال حذراً في خفض أسعار الفائدة نتيجة استمرار التضخم وبيانات الوظائف الإيجابية.
وأضاف حشاد انه من المقرر أن يتحول تركيز السوق نحو “المخطط النقطي” المعدل للفيدرالي، والذي يكشف عن توقعات الأعضاء لأسعار الفائدة. وأظهر الرسم الذي صدر في مارس آذار خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في عام 2024. ومع ذلك، فإن البيانات الأخيرة التي تظهر استمرار التضخم وارتفاع معدلات التوظيف ستوفر خلفية جيدة لمراجعة توقعات الفيدرالي.
وبحسب حشاد، من المرجح أن يحافظ الفيدرالي على توقعاته الأساسية لتضخم نفقات المستهلك المعدلة للتقلبات الموسمية للربع الرابع عند 2.6%، مع احتمال حدوث زيادة طفيفة إلى 2.7% أو 2.8%. ومع ذلك، قد يخفض توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.1%، ليقترب من إجماع التوقعات البالغ 1.7% ويرفع توقعاته للبطالة من 4% إلى 4.1% أو 4.2%، مما يعكس اتجاهات سوق العمل الأخيرة.
من غير المرجح أن يقنع تراجع متوسط النمو وارتفاع معدلات البطالة الفيدرالي للقيام بخفض واحد بمقدار 25 نقطة أساس لعام 2024. حيث أن القيام بالتخفيض على مرحلتين سيتوافق بشكل اكبر مع توقعات السوق ويسمح للاحتياطي الفيدرالي بالتأكيد على أن السياسة المعتمدة تستند على البيانات. ولا يزال بإمكان عدد قليل من الأعضاء المتشدّدين ترجيح كفة خفض واحد.
من جهتها، قالت تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات العملات الأجنبية في ساكسو بنك، انه من المتوقع أن يبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 5.25% – 5.50% خلال اجتماعه المقرر عقد غدا، حيث سيكون الرسم البياني النقطي والمؤتمر الصحفي للرئيس جيروم باول محور تركيز السوق لتقييم مسار السياسة النقدية في النصف الثاني من عام 2024 وما بعده.
وأوضحت أن الرسم البياني النقطي يحدد وجهات نظر أعضاء اللجنة الفيدرالية بشكل فردي حول مسار أسعار الفائدة، وهو مصدر مهم للتعرف على تفكير أعضاء لجنة الفيدرالي. وعادة ما يركز السوق على النقطة الوسطى، والتي تصبح توقعات السياسة النقدية الفعلية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي على الرغم من السجل الضعيف للرسم البياني النقطي في توقع وتيرة التغييرات في السياسة النقدية بدقة.
وذكرت تشانانا أن الاقتصاد الأمريكي يشهد أداء متبايناً. ففي حين أننا بدأنا نرى بعض مؤشرات الضعف في بيانات الوظائف (انخفاض مؤشر جولتس، وارتفاع طلبات الإعانة)، فإن تقرير الوظائف غير الزراعية الإيجابي الأخير الذي صدر يوم الجمعة الماضي أثار التساؤلات مرة أخرى حول ما إذا كان الاقتصاد يحتاج بشكل ملح إلى خفض أسعار الفائدة. نعتقد أن هذا الارتباك سيكون واضحاً أيضاً في الرسم البياني النقطي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي قد يظهر تبايناً أكبر من المعتاد في التوقعات من مختلف أعضاء اللجنة.
بدوره، قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في سنشري فاينانشال، انه من المتوقع على نطاق واسع أن تُبقي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على النطاق المستهدف الحالي لسعر الفائدة الفيدرالية (5.25% – 5.50%) خلال اجتماعها المقبل المقرر عقده في الثاني عشر من يونيو. حيث يواجه صانعو السياسة مجموعة متنوعة من البيانات الاقتصادية التي تساهم في نهج الترقب الذي ينتهجونه حالياً.
وأوضح فاليشا أن التقدم البطيء في خفض التضخم إلى جانب الأداء القوي وغير المتوقع لسوق العمل، كما يتضح من تقرير الوظائف غير الزراعية الأخير الذي أظهر ارتفاعاً قدره 272,000 وظيفة في شهر مايو متجاوزاً التوقعات، واستقرار معدل البطالة إلى حد كبير عند 4.0 في المئة، أدي إلى دفع المحللين للتنبؤ بعدم خفض أسعار الفائدة قبل سبتمبر. وهذا يمثل تحولاً كبيراً عما كان متوقعاً في أواخر عام 2023 عندما كانت الأسواق تتوقع ست تخفيضات على مدار عام 2024.
وتابع فاليشا: “ومع ذلك، فإن خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سيضع الاحتياطي الفيدرالي في خضم انتخابات رئاسية محتدمة. بالرغم من تأكيد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مراراً وتكراراً على التزام البنك المركزي بالاعتماد على البيانات في اتخاذ قراراته، وعدم تأثره بالاعتبارات السياسية.
وذكر أن الهدف المنشود يتمثل في تحقيق انخفاض تدريجي في التضخم نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% دون إعاقة نمو الوظائف، مما يسمح في النهاية بخفض أسعار الفائدة. ويمكن أن يكون حدوث تباطؤ اقتصادي كبير سبباً أكثر إلحاحاً لخفض أسعار الفائدة.