كتب:مصطفى عيد
تبنت العديد من دول العالم سياسات الحد من المخاطر في إطار رؤيتها الطموحة لمستقبل خالٍ من الدخان. ساعدت هذه الاستراتيجيات في تعزيز التحول نحو استخدام منتجات بديلة تقلل من مخاطر التدخين التقليدي، مثل أجهزة تسخين التبغ الإلكترونية، والسجائر الإلكترونية، وأكياس النيكوتين وغيرها. تعتبر هذه البدائل، التي تم إثباتها علمياً ، أقل خطورة على الصحة مقارنة بالسجائر التقليدية.. فهل يمكن أن يؤدي تبني هذه الاستراتيجية عالميًا إلى إنهاء عصر السجائر التقليدية قريبًا؟
يمكن الاستفادة من تجارب الدول التي تتبنى مبدأ “الحد من الخاطر”، مثل السويد والنرويج من خلال تبني استراتيجيات مشابهة أثبتت نجاحها في تقليل معدلات التدخين التقليدي. في السويد، على سبيل المثال، تراجع معدل التدخين بين سكانها لنحو 5.6% فقط، بجانب تراجع نسبة الوفيات المرتبطة بالتبغ بنحو 39.6% مقارنة بالمتوسط الأوروبي، والتي يبلغ معدل انتشار التدخين فيها 23%..
وباتت السويد على مقربة من إعلانها دولة “خالية من الدخان”، بفضل تطبيق مبدأ “الحد من المخاطر”، واعتمادها على منتجات التبغ البديلة الحديثة الأقل خطورة، مثل: منتجات مضغات التبغ عن طريق الفم الـ snus، وأكياس النيكوتين وأجهزة الـتدخين الالكترونية وغيرها من البدائل الخالية من الدخان.
في النرويج، حيث يستخدم السنوس، يلاحظ نمط مشابه لاستهلاك التبغ كما في السويد. وشهد الاستهلاك الكلي للتبغ انخفاضاً بنسبة تزيد على 30% خلال العقدين الماضيين، وفقًا لبيانات الجمارك النرويجية وإدارة الضرائب النرويجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم منتجات “السنوس” الحديثة لا تحتوي على التبغ التقليدي، بل تشمل فقط النيكوتين من الدرجة الصيدلانية والمكونات الغذائية المعتمدة (GRAS)، مما يعكس تحولًا نحو بدائل أقل خطورة في استخدام النيكوتين.
علمًا بأن “السنوس” هو منتج مضغات التبغ الخالية من الدخان ويُستخدم بوضعه بين اللثة والشفة العليا، حيث يُمتص النيكوتين تدريجيًا، فهو يختلف عن السجائر التقليدية بعدم احتوائه على عملية احتراق، مما يجعله بديلاً أقل خطورة للتدخين.
وهنا يأتي رأي الخبراء ليثبت أهمية توفير البدائل المساعدة. وفي هذا الصدّد، قال فوغان ريس، مدير مركز مكافحة التبغ العالمي في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: “يتميز منتج أكياس النيكوتين “ZYN” بسمية منخفضة للغاية مقارنة بالتدخين. لذا، حتى بدون إجراء دراسات طويلة المدى، فإننا نعلم أن خطر الإصابة بالأمراض على المدى الطويل من المرجح أن يكون أقل بكثير من منتجات السجائر المحترقة.”
من جانبه، قال ريموند نياورا، رئيس قسم علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة نيويورك: “أكياس النيكوتين مثل ZYN تُعتبر قابلة للمقارنة في المخاطر مع المنتجات الصيدلانية مثل العلكة أو اللصقات النيكوتين. يمكن لهذه المنتجات أن تنقذ الأرواح من خلال مساعدة مدخني السجائر البالغين على التحول إلى بدائل أقل خطورة.”
وفي عام 2012، صرح مفوض الاتحاد الأوروبي السابق، تونيو بورغ، قائلاً: “هناك أدلة على أنه إذا تم إطلاق ‘السنوس’، فسيكون ذلك ناجحًا.” جاءت هذه التصريحات في سياق اقتراح مفوضية الاتحاد الأوروبي بفرض حظر دائم على التبغ الرطب “السنوس”. وقد حظي هذا الرد باهتمام كبير في وسائل الإعلام السويدية.
وفيما ورد عن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإن “آلاف المواد الكيميائية الموجودة في التبغ ودخان التبغ هي التي تجعل استخدام التبغ يمثل خطرًا للغاية، وليس النيكوتين.” في السياق ذاته، تُعرّف الشبكة الأوروبية للوقاية من التدخين والتبغ (ENSP) المجتمع “الخالي من الدخان” على أنه المجتمع الذي يقل فيه معدل انتشار تدخين التبغ عن 5%.
وتعتبر بدائل التدخين المبتكرة، مثل منتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين والتبغ الممضوغ والسجائر الإلكترونية، بديلاً رئيسيًا للسجائر التقليدية.
كما أنها توفر بديلاً للمدخنين البالغين الذين لا يرغبون في الإقلاع عن التدخين. فيما يُعدّ وجود النيكوتين في المنتجات الخالية من الدخان عاملاً مهماً في تسهيل انتقال المدخنين من السجائر التقليدية إلى بدائل أقل خطورة.
وقد أظهرت الدراسات أن هذه البدائل هي أقل خطورة على الصحة لكنها ليست خالية تمامًا من المخاطر. وعلى على عكس ما يعتقده الكثيرون- يتفق الخبراء أن مادة النيكوتين ليست السبب الرئيسي للأمراض المرتبطة بالتدخين؛
وإن التعرض المزمن للمكونات السامة الموجودة في الدخان الناتج عند حرق التبغ هو الذي يسبب هذه الأمراض، فيما لا يتم تصنيف النيكوتين على أنه مادة مسرطنة من قبل العديد من هيئات الصحة العامة بما في ذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC/WHO). علمًا بأنه أفضل خيار يمكن لأي مدخِّن أن يتخذه هو الإقلاع عن تدخين السجائر واستخدام النيكوتين من أساسهما.