بقلم د محمد راشد
إن الإسكان البيئي يعد أكثر من مجرد جهود لتوفير الطاقة أو الحفاظ على البيئة؛ وأخذ المفهوم ممارسات الاستدامة إلى مستوى جديد تمامًا، بدءً من استخدام مواد البناء القابلة لإعادة التدوير والمواد المستدامة في عملية البناء، وينتهي بنمط حياة صحي وصديق للبيئة يستهدف تقليل النفايات وزيادة التأثير الإيجابي على البيئة ، ويتم بناء المنزل البيئي عادًة من خلال استخدام مواد بناء طبيعية، بما في ذلك الصوف المعدني أو الفلين أو الطين، مع مزيج من الاستراتيجيات الذكية مثل نظام التدفئة تحت الأرض أو العزل الحراري المناسب، والانتقال إلى اللون الأخضر، والاعتماد على موارد الطاقة المتجددة، والتي ستؤدي بالتالي إلى الحد من الاستهلاك الكلي للطاقة المنزلية والنفايات ، بالإضافة إلى خفض انبعاثات الكربون الضارة.
وبلاشك إن كنت تفكر في رؤية المزيد من المناظر الطبيعية الخضراء، إذًا فأنت تفكر بشكل جيد في الحد من التأثير البشري السلبي على الأرض؛ وقد تكون هذه مسألة نبيلة وضرورية ويجب حقًا النظر إليها، وعلى الرغم من ذلك، إذا كنت تفكر في الاستثمار في منزل صديق للبيئة، فإنك لن تساعد في الحفاظ على البيئة فحسب، بل ستتمكن أيضًا من تقليل تأثيرك على البيئة والنفقات المالية الخاصة بك إلى جانب تعزيز نوعية حياتك بشكل كبير ، و تري العديد من الأبحاث أن عملية البناء البيئي تعد هدفًا معقدًا، بينما يرى آخرون أنها تعد فرصة استثمارية واعدة جدًا خاصة في المستقبل القريب ، و عندما نسأل عما إذا كان يمكن تطبيق تكنولوجيا الإسكان البيئي في مكان آخر، فإن الاستراتيجية الصديقة للبيئة يمكن تطبيقها في أي مكان.
وللحقيقه؛ إن أغلب المطورين المصريين غير قادرين على اتباع استراتيجيات الإسكان البيئي المعقدة هذه، لذلك ؛ فإن تطبيق استراتيجية البيئة الإيكولوجية يواجه عدة تحديات في قطاع العقارات المصري، حيث إن النفقات الإضافية الموجهة لتنفيذ المشروع، في معظم الحالات، تؤدي إلى تصاعد أسعار الوحدات.
وكشفت دراسة أجرتها “دوفيتل بارتنرز” بعنوان “ما الجديد في الإسكان البيئي ميسور التكلفة؟” عدّة عوامل أخرى يجب أخذها في الاعتبار، وهي أن المنازل الأصغر حجمًا هي أكثر ملاءمة للبيئة مقارنةً بالمنازل الكبيرة، بينما أظهرت تقارير أخرى أن التفاصيل الأقل أهمية مثل تصميم سقف أعلى أو قرار وضع أنواع معينة من النوافذ من الممكن أن تؤثر بشكل ملحوظ في إنشاء منزل صديق للبيئة ، ونشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية اليومية، تقريرًا في عام 2003، تسرد بعض المطورين والمهندسين المعماريين، الذين قاموا ببناء منازل بيئية متعددة في جميع أنحاء العالم، من خلال تسليط الضوء على منزل المطور الألماني “ويبرهاوس”، الصديق للبيئة، الذي يقلل إلى حد كبير من فقدان الحرارة عن طريق استخدام مواد عازلة في الجدران والنوافذ الزجاجية الثلاثية،
وأشارت الصحفية أيضًا إلى التقنيات التي يطبقها المهندس المعماري “كريج ستيلي” المقيم في الولايات المتحدة، على عدد قليل من المباني في منطقة خليج سان فرانسيسكو، مثل الألواح الضوئية، ونظام تسخين المياه بالطاقة الشمسية، فضلاً عن نظام تسخين مشع مخصص للمنطقة.
وعلى الرغم من العقبات الرئيسية التي تحول دون تقدم الدول التي تقع في شمال إفريقيا في هذا المجال، بدأ بعض مطوري العقارات في تخصيص مشروعاتهم لتتناسب مع المعايير البيئية في العالم، لقد اتخذوا بعض الخطوات الطفيفة، ولكنها مهمة، مثل إنشاء مساحات خضراء شاسعة في مشروعاتهم السكنية واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، لخفض البصمة الكربونية للمركبات وتقليل احتياجاتها من الطاقة ، مما يتطلب ضرورة تشجيع الدولة على اعتماد النظام الايكولوجي في البناءات من خلال التشجيعات الجبائية وطرح الأداءات البلدية لمدة 5 سنوات على الأقل ومنح تمويلات بفوائد مشجعة علاوة على انخراط البنوك في ذلك، مشددا على أهمية تشكل نظام بيئي متكامل ، هذا بالاضافه إلي ضروره وأهمية أن تنخرط الدولة في البناءات الإيكولوجية على غرار المدارس والمساجد والمؤسسات الصحية والفضاءات العمومية ككل
أن الوعود في هذا الإطار غير كافية، سواء من الناحية التشريعية أو من خلال طلب العروض أو تذليل العراقيل التي تواجه المشاريع الإيكولوجية.
و في وقت تزداد فيه الحاجة إلى مراعاة التغير المناخي، خاصة مع العديد من الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة، فعلي سبيل المثال استطاعت شركة مغربية ناشئة أن تلفت الأنظار ببنائها منازل بأسعار تنافسية، باستخدام الطين؛ ما يجعلها منازل صديقة للبيئة ، ومن هنا، أصبح كل منزل تتولى الشركة بناءه، فريداً من نوعه، فبمجرد أن تتلقى طلباً، فإن الخطوة الأولى التي تتبعها هي تحليل تركيبة التربة في الموقع المطلوب التشييد فيه؛ لتحديد مدى ملاءمته البناء.
وبالتالي، يمكن إضافة كميات صغيرة من الجير أو الإسمنت لتحقيق الأداء الأمثل، كما تشغل الشركة نماذج المحاكاة الحرارية للتأكد من السماكة المثالية لجدران القباب، حتى يمكنها امتصاص الحرارة خلال فصل الصيف وإطلاقها خلال فصل الشتاء ، وهذا يعني أن المبنى سيستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة للتدفئة والتبريد، وأحياناً لا يستخدمها على الإطلاق.
وإنتشرت في الفتره الأخيره فكره إنشاء القري البيئيه ، وهي مثال واضح وقوي لتطبيق فكر البناء الايكولوجي ؛ حيث إن القرية البيئية هي مجتمع مخطط أو تقليدي يسعى إلى الحفاظ على البيئة، مع دمج الركائز الأربع الأساسية للاستدامة، لذلك، أصبحت القرى البيئية منتشرة بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم كخيار معيشة مستدام.
كذلك، تتأثر سوق السياحة الأكثر صداقة للبيئة، بمدى الوعي العالمي والمخاوف البيئية المتزايدة، ما أدى إلى زيادة الطلب على خيارات السفر المستدامة، والمباني الخضراء ، فقد قُدر حجم سوق السياحة البيئية العالمية بنحو 195.9 مليار دولار في عام 2022.
ومن المتوقع أن يصل إلى 656.19 مليار دولار بحلول عام 2032، ليتوسع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.90 في المئة خلال الفترة المتوقعة من 2023 إلى 2032 ، وتعود هذه الزيادة إلى الإقبال على أماكن الإقامة الصديقة للبيئة، ووسائل النقل الخالية من الكربون، والأنشطة الصديقة للبيئة، ما يعزز من التناغم بين السياحة والطبيعة.