شركات التكنولوجيا المالية تخسر نصف تريليون دولار من قيمتها

خسرت شركات التكنولوجيا المالية التي طرحت أسهمها في البورصة خلال أزمة وباء كورونا وشهدت إقبال المستثمرين عليها بشدة، ما يصل إلى نصف تريليون دولار من قيمتها السوقية في موجة البيع الهائلة التي تسود الأسواق الآن.
وبحسب بيانات شركة “سي بي إنسايت” شهدت السوق الأميركية منذ مطلع العام 2020 طرحاً أولياً لأسهم نحو 30 شركة خدمات مالية رقمية، وقد حظي بإقبال هائل من المستثمرين على أمل الاستفادة من تحول الجمهور نحو وسائل الدفع والتحويل الرقمية في الخدمات المالية بسبب وباء كورونا وما بعده، واستمرار هذا النهج في النمو.

إلا أن موجة البيع في أسواق الأسهم هذا العام كانت أكثر إضراراً بشركات الخدمات المالية الرقمية عن غيرها من شركات التكنولوجيا، وزاد الخسائر نقص أرباح تلك الشركات وعدم اختبار نموذج الأعمال الجديد الذي اعتمدته في نشاطها إلى جانب رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة واتجاه الاقتصاد نحو الركود.

وفي مقابل تراجع مؤشر “ناسداك” لشركات التكنولوجيا في بورصة “وول ستريت” بنيويورك هذا العام حتى الآن بنسبة 29 في المئة في المتوسط، خسرت أسهم شركات التكنولوجيا المالية أكثر من نصف قيمتها، أي ما يزيد على نسبة 50 في المئة.

وفي تحليل للبيانات من قبل صحيفة “فايننشال تايمز”، هوت القيمة السوقية لتلك الشركات بنحو 156 مليار دولار. وبحساب القيمة الحالية مقارنة مع أعلى مستوى وصلت إليه أسعار أسهم تلك الشركات تكون الخسائر في حدود 460 مليار دولار.

وبدأت صناديق الاستثمار والشركات المقرضة لمنصات الخدمات المالية الرقمية تعيد تقدير موقفها في بياناتها المالية للربع الثاني من هذا العام، كما فعلت شركة “أبستارت” الأسبوع الماضي.

وترجع بعض تلك الصناديق الهبوط السريع حالياً في شركات التكنولوجيا المالية إلى مقارنته مع النمو السريع والهائل خلال ربع العام المقابل من نظيره الماضي، ففي هذه الفترة كانت تلك الشركات تبدو البديل المقبل الأكثر نمواً للمدفوعات والتحويلات الرقمية في مقابل وسائل الخدمات المالية التقليدية. وخلال الربع الثاني من العام الماضي حققت عائدات تلك الشركة نسبة نمو تزيد على 1000 في المئة، أي تضاعفت 10 مرات.

ولم يقتصر الضرر من موجة البيع في الأسواق حالياً على شركات التكنولوجيا المالية الجديدة التي أطلقت قبل نحو عامين، لكنه طاول أيضاً شركات الخدمات المالية الرقمية الراسخة، فقد هبطت القيمة السوقية لشركتي “باي بال” و”بلوك” (كان اسمها من قبل “سكوير”) بنحو 300 مليار دولار هذا العام.

وامتدت أضرار تلك الشركات بوضوح إلى الشركات والصناديق المستثمرة فيها، وكان أوضح مثال على ذلك ما أعلنته شركة “كلارنا” الشهر الماضي من خفض قيمتها السوقية من 46 مليار دولار إلى أقل من 7 مليارات دولار في طرحها لحملة تمويل جديدة، وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأسبوع الماضي أن شركة “سترايب” للاستثمار خفضت تقدير قيمتها السوقية بنحو الربع.

وتعليقاً على النمو والهبوط السريعين لشركات الخدمات المالية الرقمية يقول المحلل في بنك “ميزوهو” دان دوليف، إن تلك الشركات “كانت الشريحة الأكثر استفادة في قطاع التكنولوجيا كله من أزمة وباء كورونا، لأن الجميع كانوا في بيوتهم ومضطرون إلى الشراء إلكترونياً، لذا تشهد تلك الشركات الآن عملية تصحيح أكبر وتهبط أكثر من غيرها”.

وعلى الرغم من كل تلك الأرقام والبيانات التي تظهر الهبوط الشديد في قيمة شركات المدفوعات الرقمية، إلا أن بعض المستثمرين لم يفقدوا الثقة فيها تماماً، ويتوقع دان دوليف أن “يشهد هذا القطاع تحسناً في أداء كثير من الشركات خلال النصف الثاني من هذا العام”.

إلا أن هناك شركات في هذا القطاع تواجه أيضاً ضغوطاً من السلطات المالية وهيئات تنظيم الأعمال، فعلى سبيل المثال ما زالت هيئة أسواق المال الأميركية تحقق في ممارسات شركة “روبن هود” التي تحمل شبهة تضارب المصالح، كما بدأ مكتب الحماية المالية للمستهلكين عملية تحقيق في ممارسات شركات البيع بالدفع الآجل منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

إلا أن صناديق الاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية لم تخرج تماماً من القطاع، وبعد أن حققت عائدات وأرباحاً بالمليارات فلا تبدو الخسائر الحالية كبيرة بالنسبة إليها، لأنها لا تزال بالملايين لهؤلاء المستثمرين، لذا لا يزال بعضهم يستعد لضخ مزيد من الاستثمارات في تلك الشركات، مستفيداً من هبوط أسعار أسهمها.

المصدر: إنتبدنت عربية

اقرأ أيضا..