قال لورنس فينك رئيس شركة “بلاك روك” – وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات لإدارة الاستثمار يقع مقرها في مدينة نيويورك – إن معظم شركات الأصول الرقمية “لن تنجو” وستواجه الإغلاق بعد كارثة إنهيار بورصة إف تي إكس الشهر الماضي، ما خلق صعوبات في تقدير القاع الذي يمكن أن تصل إليه أسهم قطاع العملات المشفرة.
وانخفضت أسهم شركات العملات المشفرة، بما فيها “كوين بيس جلوبال” (Coin Base Global) و”جالاكسي ديجيتال” (Galaxy Digital) و”مايكروستراتيجي” (MicroStrategy) أكثر من 25% الشهر الماضي.
وزادت هذه التراجعات من ألم عام قاتم، وسط تدهور كبير وممتد في قيمة “بتكوين” ورموز رقمية أخرى. رغم ارتفاع أسهم هذه الشركات الثلاثة الأسبوع الماضي، فقد محت تقريباً 52 مليار دولار من قيمة استثمارات المساهمين فيها خلال 2022.
وتعرض المستثمرون، الذين يعانون بالفعل مما يُوصف بـ”شتاء قطاع العملات المشفرة”، لضربة كبيرة مع انهيار بورصة سام بانكمان-فريد، “إف تي إكس” مطلع نوفمبر، الذي حظي باهتمام واسع النطاق، وهو ما خفض قيمة “بتكوين”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك”، إنه يتوقع إغلاق أغلب شركات الأصول المشفرة بشكل نهائي بعد انهيار “إف تي إكس”، كما يخرج مؤشر لـ”شواب” (Schwab) يرصد أسهماً مرتبطة بقطاع الأصول المشفرة، من أسوأ شهر له منذ يونيو، منخفضاً 63% هذا العام.
وقال مارك بالمر، محلل في “بي تي آي جي” (BTIG)، إن “الأسئلة عن وجود مستقبل لقطاع الأصول المشفرة انتشرت، بعد عام فقدت خلاله الكثير من الرموز أكثر من 70% من قيمتها، وفاقم انهيار (إف تي إكس) أزمة ثقة كانت بدأت في الربيع”.
ولم تفلت إلا قلة قليلة من الشركات المرتبطة بالقطاع، إن كانت أي شركة أفلتت على الإطلاق، من موجة البيع. حتى أن بنوكاً مثل “سيلفرغيت كابيتال” (Silvergate Capital) و”سيغنيتشير بنك” (Signature Bank) تلقت ضربة. كانت أسهم التعدين من بين الأسوأ أداءً، إذ شهد أسهم كلّ من “ماراثون ديجيتال هولدينغز” (Marathon Digital Holdings) و”هَت 8 ماينينغ” (Hut 8 Mining) تراجعاً بنحو النصف في نوفمبر.
وأثار انهيار “إف تي إكس” المفاجئ المخاوف من انتشار العدوى في القطاع، وهو ما تحقق أخيراً هذا الأسبوع، عندما تقدم مُقرِض العملات المشفرة “بلوك فاي” بطلب إفلاس.
وقالت تشيس وايت، محلل بشركة “كومباس بوينت” (Compass Point)، في مذكرة للعملاء: “نتوقع أن يظل قطاع التشفير ساماً للمستثمرين على المدى القريب، ونتوقع هدوءاً نسبياً في سلسلة النشاط بشكل عام بين المستخدمين، فيما نستمر في انتظار تأثيرات العدوى المحتملة نتيجة إفلاس (إف تي إكس)”.
وتحاول “سيلفرغيت” حصر الضرر. ومنذ عدة أسابيع، قالت الشركة، التي انخفضت أسهمها بمعدل قياسي بلغ 52% في نوفمبر، إن انكشافها على “إف تي إكس” مثّل أقل من 10% من إيداعات الأصول الرقمية الخاصة بها. أضافت الشركة الأسبوع الماضي، أن انكشافها على “بلوك فاي” كان أقل من 20 مليون دولار.
وكان الأمر مماثلاً لـ”كوين بيس”، إذ كتب الرئيس التنفيذي للشركة بريان أرمسترونغ، عدة تغريدات على “تويتر” في الأسابيع الأخيرة، في محاولة لطمأنة المستثمرين أن بورصة العملات المشفرة لا تزال تقف على أسس متينة. إلى الآن، يبدو أنه لم ينجح كثيراً في إقناع المتعاملين والمحللين.
وزادت الارتفاعات في أسعار الطاقة من التحديات التي تواجه العملات المشفرة، وقيمتها التي تنخفض. شهدت “كور ساينتيفيك” (Core Scientific) تراجعاً في سعر السهم بنحو 99% هذا العام. في بيان أرباح الربع الثالث، قالت الشركة إن الخسائر للأشهر الـ9 حتى سبتمبر، وصلت إلى 1.7 مليار دولار، كما أشارت أيضاً إلى أنها قد تضطر إلى تقديم طلب إفلاس، إذا لم تجد تمويلاً إضافياً.
ويشكل التراجع في أسهم شركات تعدين العملات المشفرة مشكلة لمجموعة كانت تواجه بالفعل صعوبات في رد قروض بقيمة 4 مليارات دولار، مرتبطة بمعدات تعدين.
المؤكد أن فينك، الذي استثمرت شركته قرابة 24 مليون دولار في “إف تي إكس”، قال إنه لا يزال يرى فرصاً كامنة في التقنية التي يرتكز عليها قطاع الأصول المشفرة، بما فيها التسوية الفورية للأوراق المالية.
ويرى بعض مديري الأموال فرصة في الأسهم التي انخفضت بشدة. إذ أضافت شركة “آرك إنفستمنتس” (Ark Investments)، التي أسستها كاثي وود، استثمارات بقطاع الأصول المشفرة في الأسابيع التي تلت إفلاس “إف تي إكس”، بما فيها “كوين بيس” و”سيلفرغيت” و”غرايسكيل بتكوين تراست” (Grayscale Bitcoin Trust). قالت وود أيضاً لتلفزيون “بلومبرغ” إنها تحافظ على توقعها أن “بتكوين”، التي جرى تداولها عند نحو 17 ألف دولار ظهر الجمعة في نيويورك، ستصل قيمتها إلى مليون دولار في 2030.
اقرأ أيضا..