تدير محفظة رقمية بـ 68 مليار دولار..قلة خبرة إدارة “تيثر” تقلق المستثمرين

رغم نجاتها من مذبحة العملات المشفرة في العامين الماضيين

تقرير من erembusiness

وسط اضطرابات وخسائر فادحة تواجهها سوق العملات الرقمية منذ العام الماضي، برزت العملة الرقمية “تيثر” كونها أكثر العملات الرقمية استقراراً وجذباً للمستثمرين في اقتصاد العملات المشفرة.

وتُدير “تيثر هولدينجز” محفظة تُقدر قيمتها بـ68 مليار دولار، في السوق المالي العالمي البديل “سوق العملات المشفرة”، فيما تبرز خلال التداولات اليومية كونها أعلى العملات الرقمية تداولًا، وتتفوق على العملة الرقمية الأعلى قيمة عالمياً “بيتكوين”.

وذكر موقع ” erembusiness” في تقرير له أنه رُغم كونها إحدى العملات الرقمية الأكثر موثوقية واستقراراً، لكن هناك تساؤلات كثيرة تدور حول مؤسسي الشركة ومالكيها نظراً لافتقارهم للخبرات الضرورية، لإدارة مثل هذا النوع من الأعمال، حيث تضم الإدارة مؤسسين أربعة يستحوذون على 86% من أسهم “تيثر هولدينجز”، وذلك بحسب مجموعة من المستندات التي اطلعت عليها “وول ستريت جورنال”، والتي توفر نظرة واضحة على مؤسسي العملة الرقمية الأكثر استقراراً في العالم المالي البديل.

ومن بين المؤسسين ممثل صغير السن والذي تحول إلى مستثمر في وقت مبكر من عمره، ومؤسس آخر هو جراح تجميلي، كان يتجه إلى عالم استيراد الأجهزة الإلكترونية قبل أن يتجه في النهاية إلى سوق العملات المشفرة، وانضم إليهم مؤخراً مالك جديد يستهدف الدخول في عالم السياسة البريطانية.
2022 .. عام مذبحة العملات الرقمية

وذكر التقرير أن “تيثر Tether” نحت من المذبحة التي تعرضت لها العملات الرقمية في العام الماضي، وما ساعدها في ذلك هو تبنى العملة الرقمية سياسة العملات النقدية المستقرة في ربط عملتها بالدولار الأمريكي بحيث تُقيّم عملتها بقيمة دولار واحد مقابل كل “تيثر”، وتأكيدها على ذلك لمستثمريها بأن لديها ما يكفي من احتياطات لاسترداد وتبديل كل العملات الرقمية من الـ”تيثر”.

وكشف أحدث إفصاحات “تيثر هولدينجز” التي تتخذ من جزر العذراء البريطانية مقراً لها أن الاحتياطي المالي للشركة يتجاوز إجمالي قيمة عملات الشركة الرقمية، ما يوفر لها قدرا محدودا من الاحتياطي المالي ضد الخسائر. وفي الاقتصاد الرقمي المليء بالتخبطات، برز نموذج شركة الـ”تيثر” باعتبارها مشابهة للمؤسسات المالية التقليدية، مثل البنوك أو صناديق السوق النقدي، لما تتطلبه من إدارة متطورة للمحافظ المالية واستراتيجيات للتداول. وما هو أكثر أهمية، أنها تعمل على تعزيز الثقة في عملتها لدى مستثمريها لتجنب تعريضهم للشعور بأن أموالهم في خطر، وهي الحالة التي قد تدفعهم حينئذ للتخارج من العملة الرقمية. فإذا اعتقد مستثمروها أن أموالهم في خطر، فعلى الأرجح سيتخارجون سريعاً من العملة الرقمية. وبحسب بيانات “كوين ماركت كاب”، تبلغ حجم تداولات تيثر في الوقت الحالي 68 مليار دولار تقريباً بعد أن بلغت ذروتها في مايو 2022 عند 83 مليار دولار.

برنامج الإقراض وارتفاع أسعار الفائدة

وساهم توجه البنوك المركزية العالمية في رفع أسعار الفائدة منذ العام الماضي، بهدف كبح جماح معدلات التضخم في جني مالكي “تيثر هولدينجز” لمكاسب غير متوقعة بمليارات الدولارات لتصل قيمة إجمالي أصولها 82 مليار دولار بنهاية مارس، لكن الاضطرابات التي تواجهها سوق العملات الرقمية دفعت عملة الـ”تيثر” إلى الانخفاض دون مستوى الدولار في العام الماضي، حيث سجلت العاشر من نوفمبر الماضي 0.977 دولار ، وهبطت في الثاني عشر من مايو الماضي إلى 0.956 دولار ، لتُثير تساؤلات المستثمرين حول مدى استقرار العملة.
ويرجع السبب الرئيسي في الانخفاضات التي تتعرض لها العملة الرقمية إلى تخوف المستثمرين من حقيقة تقديم الشركة لقروض بالـ”تيثر”، بدلًا من تبديل عملتها الرقمية بعملة نقدية أخرى قيمتها مقومة بدولار واحد، حيث أقرضت الشركة كيانات وعدت بأن تدفع دولارا واحدا مقابل كل “تيثر” اقترضته، لكن يبقى التخوف الرئيسي في أنه في حالة عجز المقترضون عن سداد قروضهم، ففي ذلك الوقت لن تتمكن “تيثر هولدينغز” من تغطية تبديل كل عملاتها الرقمية المتداولة بدولارات أمريكية.
وتواصل “تيثر هولدينجز” التأكيد لمستثمريها أن قروضها آمنة ومحمية بضمانات من الأصول تتجاوز قيمة العملات الرقمية، فيما أظهر التقرير النهائي للفاحص المُعين من قبل المحكمة

في قضية إفلاس مقرض العملات الرقمية “سيلسيوس نتوورك” خطورة وصعوبة إدارة تلك القروض المحمية بضمانات من الأصول.
وبحسب التقرير، فقد قدمت “تيثر” في مايو 2021 قروضاً لشركة “سيلسيوس” بقيمة 1.8 مليار دولار، ومرهونة بضمانات أصول قيمتها 2.6 مليار دولار من أصول العملة الرقمية “سيلسيوس”، وأُجبرت “تيثر” على إدارة مخاطر القرض مع انهيار سعر عملة “سيلسيوس” الرقمية، وفي النهاية تمكنت “تيثر” من تسوية القرض فيما تعرضت “سيلسيوس” لخسائر فادحة.

وإلى جانب إقراض “سيلسيوس”، كشفت البيانات عن حصول “تيثر” على قروض من “سيلسيوس” بلغت ضعف حد الائتمان للشركة، وذلك في الوقت الذي تمتلك فيه 7.73% من أسهم “سيلسيوس”، لكن المتحدث باسم “تيثر” نفى أن تكون الشركة قد اقترضت من “سيلسيوس”.

وبحسب “erembusiness ” فقد رفضت “تيثر” التعليق على حاملي أسهم الشركة أو كيفية إدارة الشركة، ولم يُجب مديروها التنفيذيون على طلب التعليق. وعلى غرار نظرائها من العملات الرقمية، لا تُفصح “تيثر” عن كثيرٍ من المعلومات حول طريقة إدارة الشركة، كما أنها لم تُفصح مُطلقًا عن هيكل مالكيها أو عن تفاصيل إدارة أصولها، أو عن كيفية قدرتها على كبح أي موجة من عمليات استرداد رؤوس الأموال، التي قد تتسبب في انهيار العملة الرقمية. وعند سؤال الشركة حول برامج الإقراض الخاصة بها، برزت السرية ونقص الخبرة وانخفاض مستوى التنظيم، كمخاطر للمستثمرين تقلقهم من الاستثمار في العملة الرقمية، حيث رفضت الشركة الكشف عن المقترضين أو الضمانات التي قدموها مقابل القروض.

تحقيقات فيدرالية

وكشف تحقيقان بواسطة مكتب المدعي العام بنيويورك، ولجنة تداول السلع الآجلة عن نقاط الضعف في إدارة شركة تيثر هولدينغز، ما أجبر الشركة ونظراءها من شركات العملات الرقمية، على دفع مبلغ إجماليه 61 مليون دولار في عام 2021، لتسوية تلك التحقيقات.

وأظهرت التحقيقات أن تيثر هولدينغز قدمت العديد من البيانات العامة الكاذبة بشأن الأصول التي تدعم العملة الرقمية المستقرة، ولم تُقر تيثر أو تنفي نتائج تلك التحقيقات، لكنها زادت بعد ذلك من إفصاحها بشأن حيازاتها، رُغم أن تلك الإفصاحات لا تزال أقل بقليل من المعلومات التي يصدرها نظراؤها من الكيانات المالية.

مؤسسو ” تيثر هولدينغز “

وأسس جراح التجميل السابق جيانكارلو ديفاسيني، ورائد الأعمال والمروج للعملات الرقمية بروك بيرس، شركة تيثر هولدينغز في جزر العذراء البريطانية في سبتمبر 2014، لكن السيد بيرس سرعان ما ترك الشركة وأصبح ديفاسيني الآن هو المدير المالي لشركة تيثر. وكان بروك بيرس قد أسس شركته السابقة تحت اسم “إنترنتت جيمنج إنترتاينمنت”، والتي كانت تتعامل بعملة رقمية سبقت البيتكوين، وأدارها بعده لفترة من الوقت ستيف بانون، الذي شغل منصب كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض.

ولم يُجب السيد بانون على طلب التعليق. وفي 2014، أسس بيرس شركة “ريل كوين” التي سعت إلى إنشاء عملة مشفرة أكثر استقرارًا مرتبطة بالدولار ومقومة به. وقال بيرس في لقاء صحفي له “ستُصبح الولايات المتحدة في وضع أفضل إذا كان بها، أميركيون وطنيون مثلي، يبقون بإحكام على ملكيتهم لهذا النوع من الأعمال التجارية”، وأضاف “لقد بلغت مجموع حيازاتي من الأسهم التي تخليت عنها، على الأرجح بين 6 إلى 10 مليارات من الدولارات”، وأردف يقول “هل كان ذلك هو التصرف الصحيح؟ لا أعلم حقًا”.

وبعد خروجه من الشركة، حاول بروك بيرس الذي لعب دور لاعب هوكي شاب في أفلام “ذا مايتي داكس”، قبل أن يعود ويشتري بعضا من حصته في ملكية تيثر في عام 2017، لكن المدراء التنفيذيون رفضوا عودته وذلك بعد اعتراض ديفاسيني على عودته، إلا أن صندوق رأس المال الاستثماري الذي تديره شركة الاستثمار “بلوكتشين كابيتال”، والذي شارك بيرس في تأسيسها، قام بعد ذلك بشراء حصة صغيرة في “تيثر هولدينجز”.

اختراق “بيتفنيكس”

ساهم ديفاسيني في تطوير منصة “بيتفنيكس” لتداول العملات الرقمية، والتي يقول إنها كانت تُعد إحدى أولى بورصات العملات الرقمية، والتي أسسها برؤية مفادها “نستهدف أن نُصبح مدافعا رائدا عن الحرية، من خلال تسريع الانتقال إلى عالم أكثر انفتاحًا وإنصافًا”.

وشاركت “تيثر هولدينجز” “بيتفنيكس” في كبار مديريها التنفيذيين، الذين يمثلون الحصة الغالبية لمالكي شركة العملات الرقمية الأكثر استقرارًا، فبحسب المستندات، امتلك ديفاسيني ما يقرب من 43% من شركة تيثر في عام 2018، ويمتلك كل من الرئيس التنفيذي للشركتين جين لوس فان دير فالد والمستشار العام للشركتين ستيوارت هوجنر حوالي 15% من تيثر في عام 2018.

وقبل الانضمام إلى سوق العملات الرقمية، كان ديفاسيني وفان دير فالد، مستوردين وموزعين أجهزة إلكترونية، وتقول مصادر مطلعة وعلى مقربة من ديفاسيني، إنه هو صانع القرار الرئيسي في كل من “تيثر” و”بيتفينكس”.

وينضم إلى المؤسسين السيد هوجنر، وهو كندي الجنسية يشغل منصب المستشار العام لشركة “بيتفينكس” منذ عام 2014، وكانت أعماله في السابق تتمحور حول المضاربة عبر الإنترنت والمضاربة في سوق العملات المشفرة.

وشغل هوجنز قبل ذلك منصب مدير الامتثال في “إيسكابا للبرمجيات” وهي شركة برمجيات للعب البوكر، والتي دفعت لاحقًا غرامات بقيمة 15 مليون دولار نظير إعفائها من المطالبات المتعلقة بالغش الممكّن بالبرمجيات، الذي حدث أثناء توليه ذلك المنصب.

وفي عام 2016، تعرضت “بتفنيكس” لاختراق تسبب في فقدانها لعملاتها من البيتكوين، والتي كانت تبلغ آنذاك 65 مليون دولار، ما أدى إلى حصول “تيثر” على مالكها الرئيسي الرابع، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين البريطانية والتايلاندية، ويعرف باسم كريستوفر هاربورن في المملكة المتحدة وشاكريت ساكونكريت في تايلاند.
وبعد الاختراق، انخفضت حيازات مستثمري “بتفنيكس” بمقدار 36%، وأصدرت الشركة رمزا جديدا يسمى “BFX”، ليُصبح بمثابة سند إثبات دين نظير العملات المفقودة.

وبصفته أكبر ملاك الأسهم في ” بيتفينكس “، استحوذ هاربورن على العديد من الرموز الجديدة، واشترى المزيد بتخفيضات كبيرة، ثم بعد ذلك حول تلك الرموز إلى حقوق ملكية في الشركة الأم لشركة “بيتفنيكس”، ليمتلك بعد ذلك 12% من أسهم “تيثر” وذلك تحت اسم ساكونكريت، وفقًا لمستندات اطلعت عليها “وول ستريت جورنال”.
عالم السياسة البريطانية

حققت العملة الرقمية التي تتخذ من جزر العذراء مقرًا لها، مكاسب هائلة خاصة بعد ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، ما مكن مؤسسيها ومن بينهم السيد هاربورن، من تحقيق ثروة ضخمة عززت من بروزه في عالم السياسة البريطانية، باعتباره قوة مالية لا يُستهان بها، خاصة بعد تبرعه بمبلغ 14.8 مليون دولار للأحزاب البريطانية، وذهب أغلبها، بحسب بيانات لجنة الانتخابات البريطانية، إلى حزب “بريكست” بزعامة نايجل فاراج.

وفي أوائل العام الماضي، زاد هاربورن من تبرعاته لحزب المحافظين، و أعلنت حكومة حزب المحافظين الحاكمة بعد تلك التبرعات مباشرة، عن خطتها لتحويل المملكة المتحدة إلى “مركز عالمي لتكنولوجيا الأصول الرقمية” من خلال تقنين عملات مستقرة للمدفوعات، وتهيئة الظروف للعملات الرقمية المستقرة، مثل الـ”تيثر” لكي تُدير أعمالها واستثماراتها في المملكة المتحدة.

وكشفت الإفصاحات البرلمانية الأخيرة عن تبرع هاربورن في نوفمبر الماضي بمليون جنيه إسترليني، لرئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون في أكبر تبرع لأحد السياسيين في التاريخ البريطاني.

وأسس هاربورن شركة “آي إم إل جلوبال ليمتد”، وهي وكيل مستقل لتزويد الطائرات بالوقود، والتي حصلت على عقود منذ عام 2018، بقيمة 39 مليون دولار، من وزارة الدفاع الأمريكية، وذلك بحسب موقع “GovTribe” المعني بتتبع عقود الحكومة الأمريكية.

اقرأ أيضا..