«كانتري جاردن» الصينية للتطوير العقاري تعلن رسميا أنها قد تتخلف عن سداد ديونها

تتوقع عدم الوفاء بكافة التزامات المدفوعات الخارجية عندما يحل موعد سدادها

كتب: أحمد أبو علي

كثفت شركة التطوير العقاري الصينية “كانتري غاردن هولدينغز” من التحذيرات من أنها تتأهب للتخلف عن سداد الديون للمرة الأولى في تاريخها وعينت مستشارين لهذا الغرض، ما يُعد أقوى مؤشر على اتجاه الشركة صوب عملية إعادة هيكلة الديون حتى الآن، والتي ستكون واحدة من بين العمليات الأكبر في تاريخ الصين.

أوضحت الشركة في إفصاح اليوم أنها “تتوقع عدم الوفاء بكافة التزامات المدفوعات الخارجية عندما يحل موعد سدادها أو خلال فترات السماح ذات الصلة، بما فيها على سبيل المثال لا الحصر تلك المقيدة في صورة سندات مقومة بالدولار الأميركي الصادرة من قبل الشركة، وربما يؤدي عدم السداد لمطالبة دائني الشركة المعنيين بالتعجيل بسداد المديونية ذات الصلة المستحقة لهم أو مواصلة إجراءات إنفاذ القانون”.

أعلنت “كانتري غاردن”، التي باتت رمزاً لأزمة ديون العقارات الأوسع نطاقاً في الصين، عدم سداد دفعة ديون مستحقة قيمتها 470 مليون دولار هونغ كونغ (60 مليون دولار) “بموجب جزء من مديونيتها”. ولم تلتزم الشركة بالمواعيد النهائية الأولية الشهر الماضي لدفع فائدة سندين دولاريين، ويُرجح انتهاء فترات السماح على الترتيب من 17 إلى 18 أكتوبر و27 أكتوبر. كما تملك 11 مليار دولار من السندات الخارجية مستحقة السداد، حسب بيانات جمعتها بلومبرغ.

إعادة هيكلة ديون “كانتري غاردن”
أوضح تينغ منغ، كبير محللي الائتمان في مصرف “أستراليا أند نيوزيلند بانكينغ غروب” (Australia & New Zealand Banking Group)، أن إفصاح الثلاثاء “ربما يضغط على حاملي السندات الخارجية للموافقة على أي اقتراح إعادة هيكلة مستقبلي”.

غرقت “كانتري غاردن”، التي كانت يوماً ما أكبر شركة تطوير عقاري صينية، في أزمة ديون عقارية واسعة، وحذّرت الشهور الأخيرة من أنها ربما تتخلف عن سداد ديونها. واندلعت مخاوف جديدة بشأن عدوى السوق المالية الأوسع نطاقاً من قطاع العقارات الصيني خلال أغسطس الماضي عندما أخفقت الشركة في دفع الفائدة على السندات الدولارية مع حلول الموعد النهائي الأولي. ورغم أنها واصلت الوفاء بهذه الالتزامات خلال فترة سماح، أخفقت منذ ذلك الحين في الالتزام بمزيد من المواعيد النهائية الأولية للسداد ولم تعلق علانية على احتمالات الوفاء بهذه الديون قبل اليوم.

“كانتري غاردن” الصينية تخسر 6.7 مليارات دولار وتحذر من احتمال التعثر

تُعتبر شركة التشييد والبناء التي تقودها يانغ هويان (واحدة من أغنى السيدات الصينيات) مهمة لاقتصاد البلاد بالنظر لحجمها الضخم. وتملك “كانتري غاردن” ما يفوق 3 آلاف مشروع سكني بمدن صغيرة وتشغّل 70 ألف موظف. من ثم، قد تؤثر اضطرابات الشركة بطريقة أسوأ على الصين، مقارنة مع إخفاق شركة “تشاينا إيفرغراند غروب” المتعثرة في الوفاء بالتزامات الديون خلال 2021، نظراً لامتلاك الأولى 4 أضعاف عدد المشروعات.

أوضحت الشركة اليوم أن المبيعات المتعاقد عليها في سبتمبر المنصرم هبطت بنسبة 81% مقارنة بالسنة السابقة، ما يُعد إشارة على أن مشكلات ديون “كانتري غاردن” تؤثر على ثقة مشتري المنازل المحتملين في شركة البناء. كما تسارعت وتيرة التراجعات عن التعاقدات خلال الشهور الأخيرة، حيث انخفضت بنسبة 72% في أغسطس، بعد انحدارها بما يزيد عن 50% في يونيو ويوليو الماضيين.

هل تتمكن “كانتري غاردن” من سداد ديونها؟
تعصف الضائقة المالية بشدة بقوة “كانتري غاردن”، حيث تُعتبر من بين أكثر شركات التطوير العقاري مديونية حول العالم بإجمالي التزامات يناهز 1.36 تريليون يوان (187 مليار دولار). وتشير البيانات إلى أن عوائد السندات الدولارية تتحرك في نطاق من 5 إلى 7 سنتات، ما يدل على أن حائزيها يتوقعون استرداد مبالغ ضئيلة من أي عملية إعادة هيكلة نهائية.

قال منغ من مصرف “أستراليا أند نيوزيلند بانكينغ غروب” إنه يتوقع بشكل أساسي سداد الشركة عائدات السندات الدولارية التي كانت مستحقة في البداية الشهر الماضي خلال فترات السماح. لكن بالنسبة لآجال الاستحقاق المقبلة “ستكون الشركة بحاجة للتفاوض مع حاملي السندات حول خطة إعادة هيكلة الديون الخارجية” بما فيها سندات قيمتها 3 مليارات دولار هونغ كونغ مستحقة في ديسمبر المقبل، وسندات قيمتها مليار دولار يحين سدادها يناير المقبل، حسب توقعه.

بعد الأزمة.. “كانتري غاردن” خارج مؤشر “هانغ سنغ”

كشفت “كانتري غاردن” أيضاً اليوم أنها عينت مستشارين، وهو إجراء غالباً ما تتخذه الشركات المتعثرة أثناء استعدادها إلى عملية إعادة هيكلة ديون واسعة النطاق.

وتعاونت “كانتري غاردن” مع شركتي “تشاينا إنترناشيونال كابيتال كوربوريشن هونغ كونغ سيكيوريتز” (China International Capital Corporation Hong Kong Securities) و”هوليهان لوكي” في الصين باعتبارهما مستشارين ماليين مشتركين علاوة على تعيين شركة “سيدلي أوستن” (Sidley Austin) لتقديم الاستشارات القانونية.

ماذا سيقرر دائنو “كانتري غاردن”؟
ذكرت شركة التطوير العقاري أنها “ستقيّم هيكل رأس المال والسيولة النقدية للمجموعة، وتعمل على وضع حل شامل”. وقال أشخاص على دراية بالأمر أواخر الشهر الماضي أن “كانتري غاردن” دخلت في محادثات مع “هوليهان لوكي” و”تشاينا إنترناشيونال كابيتال كوربوريشن” ليصبح كلاهما مستشارين ماليين، ويرسمان خطة إعادة هيكلة الديون الخارجية.

في غضون ذلك، أجرى دائنو “كانتري غاردن” مشاورات مع شركات استشارات مالية عديدة سعياً بطريقة منفصلة لتكوين مجموعة مؤقتة مخصصة لهذا الأمر قبيل عملية إعادة هيكلة محتملة.

ونوّه أشخاص شاركوا في محادثات غير معلنة إلى أن شركتي “بي جيه تي بارتنرز” (PJT Partners) و”مويلس أند كو” تحدثتا بوقت سابق من الأسبوع الحالي مع الكثير من الدائنين. واختتموا أن الدائنين لم يحسموا قراراتهم حتى الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.