كتب:رامي سميح
كشف أحدث تقرير لمجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، عن الأداء الاستثنائي اللافت لدول مجلس التعاون الخليجي في مجال تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، مؤكداً تحقيق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، ريادة عالمية ملموسة في مجال رضا المواطنين على مستوى أداء الخدمات الحكومية الرقمية.
وأظهرت النسخة السادسة من الاستبيان الذي أجرته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، ضمن تقرير “الحكومة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي: قيادة خدمات المواطنين في الجيل القادم لدول مجلس التعاون الخليجي”، نمواً في مستوى تكامل الخدمات الحكومية الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات عدة، مما يضع معايير جديدة لكفاءة الأداء وتمكين الوصول إلى الخدمات العامة.
وأوضح التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي تتصدر دول العالم من حيث ارتفاع مستوى رضا المواطنين عن مستوى كفاءة وأداء الخدمات الحكومية الرقمية، حيث وصلت إلى أعلى معدل رضا ويبلغ 81%. كما أفاد مواطنون من دول مجلس التعاون الخليجي بأنهم استخدموا تلك الخدمات بنسبة 22% أعلى من المتوسط العالمي، مما يعكس التزام الحكومات الخليجية بتقديم تجارب رقمية عالية الجودة. كما أن نسبة 76% من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يفضلون استخدام الخدمات الحكومية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تعتمد على المساعدين الافتراضيين والحلول الشخصية التي تتسم بالكفاءة وتعزز إمكانية الوصول.
وتوقع 42% من المشاركين في الاستبيان من دول الخليج أن ترتقي الخدمات الحكومية إلى معايير الأداء الإقليمية والعالمية في عام 2024، مما يعكس التوقعات الإيجابية للمواطنين الخليجيين بجودة الخدمات العامة في بلادهم.
وقال رامي مرتضى، الشريك ومدير التحول الرقمي في بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، أن “المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي يتوقعون دائماً ارتقاء مستوى الخدمات الحكومية إلى نفس معايير كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، وتتضمن حلولاً سريعة ومُبتكرة تلبي احتياجاتهم بكفاءة وسلاسة. وتعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تلبية هذه التوقعات من خلال تبني نهج يركز على التحول الرقمي، والتحرك بوتيرة متسارعة مع الاتجاهات التكنولوجية العالمية.
ومع الإمكانات التحويلية المستقبلية للذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، فإن الاستثمار المستدام والابتكار هما عنصرين مهمين للحفاظ على المكانة الريادية لدول الخليج في مجال الخدمات الحكومية وتلبية المتطلبات المتطورة للعصر الرقمي.”
دول الخليج تتصدر الثقة بالذكاء الاصطناعي والرضا عن الخدمات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)
بينما يتزايد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، تبرز قيادة دول مجلس التعاون الخليجي لهذا المجال على مستوى العالم. وبحسب تقرير مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، يُظهر المواطنون في دول المجلس معدل ثقة بنسبة 71% في استخدام حكوماتهم للذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الرقمية، بزيادة قدرها 49 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي.
ويرافق هذا المستوى الرائد من الثقة استثمارات ضخمة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية في المنطقة، بقيادة من المبادرات الحكومية.
وتتصدر المملكة العربية السعودية هذا المجال عبر استراتيجيتها الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي يساهم بما يُقدر بنحو 500 مليار ريال سعودي (133.3 مليار دولار أمريكي) في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
كما تدفع دولة قطر عجلة التحول الرقمي إلى الأمام من خلال شراكات استراتيجية مع جامعة قطر ومزودي التكنولوجيا لتطوير مهارات الموارد البشرية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تخصصات الذكاء الاصطناعي، وشبكات الجيل الخامس، والحوسبة السحابية.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد رسخت مكانتها الريادية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال معهد الابتكار التكنولوجي الذي طور النماذج اللغوية مفتوح المصدر (LLM)، مما يبرز القدرات التكنولوجية للمنطقة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI). كما تعكس هذه الجهود المُنسقة في دول مجلس التعاون الخليجي تكاملاً بين الثقة العامة والاستثمار الاستراتيجي والتقدم التكنولوجي في الذكاء الاصطناعي.
ويُظهر المواطنون في دول مجلس التعاون الخليجي معدلات استخدام تُعد من بين الأعلى على المستوى العالمي لحلول الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، مما يؤكد استعدادهم القوي لتبني الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مجال الخدمات العامة. كما عملت الاستثمارات الواسعة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر للمساعدة على الحفاظ على مستويات رضا مرتفعة عن الخدمات الرقمية، مما يعزز الثقة في استخدام الحكومات للذكاء الاصطناعي.
وتُتيح هذه الثقة والاستثمارات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي فرصة رائدة لتشكيل الجيل القادم من الخدمات الحكومية الرقمية.
ومع استكشاف الدول في جميع أنحاء العالم لتكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، تبدو دول مجلس التعاون الخليجي مهيأة لوضع معايير جديدة في الخدمات العامة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تتكيف مع احتياجات المواطنين المُتغيرة.
من جانبه، قال الدكتور لارس ليتيج، المدير الإداري والشريك، ورئيس مركز الحكومة الرقمية في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إن: “دول مجلس التعاون الخليجي أمام فرصة حقيقية وغير مسبوقة، حيث إن تحقيق تطور رقمي حكومي مُتكامل يتطلب رؤية استراتيجية، وحوكمة قوية، وتنسيقاً فعالاً داخل وخارج القطاع العام.
وتعمل حكومات دول الخليج على تعزيز حوكمة البيانات والممارسات المسؤولة في مجال الذكاء الاصطناعي لبناء ثقة مواطنيها، ومعاملة البيانات كموارد وطنية تغذي القرارات السياسية الأكثر ذكاءً.”
التوصيات الاستراتيجية لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي
للحفاظ على زخم التحول الرقمي وتلبية توقعات المواطنين المُتزايدة، يقدم تقرير بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، أربع ركائز استراتيجية كتوصيات لدول مجلس التعاون الخليجي نحو ترسيخ الخدمات الرقمية والتكامل الفعال لتقنيات الذكاء الاصطناعي:
1. مواصلة الابتكار – يجب أن تستمر مرونة دول مجلس التعاون الخليجي في تطوير الخدمات الحكومية الرقمية الجديدة لتلبية الاحتياجات المتطورة للمواطنين الخليجيين، والاستفادة من التقدم التكنولوجي وتوفير التفاعلات الرقمية السلسة أولاً.
2. منح الأولوية لتمكين الاستخدام – معالجة تحديات سهولة الاستخدام وضمان التفاعل الفعال لتعزيز الوصول إلى الخدمات الرقمية وترسيخ المنظومة الرقمية الأكثر شمولية.
3. تسريع اعتماد الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) – نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستهدفة في الحالات الأكثر تأثيراً، ما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمة وتعزيز تفاعل المواطنين.
4. التركيز على بناء الثقة – إنشاء أطر قوية لحوكمة البيانات تركز على الخصوصية والأمان والشفافية في الخدمات الرقمية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ويساعد هذا النهج في ترسيخ المكانة الريادية لدول مجلس التعاون الخليجي في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، لإيجاد إطاراً متوازناً ومتطوراً لحوكمة رقمية فعالة. كما يعكس النجاح الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي في التحول الرقمي الحكومي التزامها بتقديم خدمات عامة عالية الجودة ومبتكرة ويمكن الوصول إليها.
ومع استمرار الحكومات في الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، فإنها تلبي التوقعات الحالية، وتضع أيضاً أساس للريادة المستدامة في المشهد الرقمي العالمي.