رئيس «المركزي للمحاسبات» : مواجهة الجرائم المالية العابرة للحدود تستلزم إرادة سياسية ورقابة مؤسسية وإعلامًا مسؤولًا

فينتك جيت:ريهام علي

أكد المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن تأسيس منظومة وطنية للنزاهة قادرة على مواجهة أخطر الجرائم المالية العابرة للحدود يتطلب التقاء ثلاثة أركان استراتيجية، هي: الإرادة السياسية، والرقابة المؤسسية الفعالة، والإعلام المسؤول.

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية عقدها الجهاز المركزي للمحاسبات، اليوم، بعنوان «مكافحة الفساد وغسل الأموال.. الأبعاد القانونية والمؤسسية والدولية»، بمشاركة نخبة من الخبراء الخارجيين.

أدار الجلسة المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وشارك في المنصة كل من المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والسيدة هايدي مرزم، مسئول مشروع الاتصال والمعلومات باليونسكو، والسيد أليكسيس كاموهير المراجع العام لجمهورية رواندا.

الشفافية والحوكمة الرشيدة في صدارة النقاش

وناقشت الجلسة أحدث التوجهات والتجارب الدولية في مكافحة الفساد وغسل الأموال، مع التركيز على الأبعاد القانونية والمؤسسية، ودور الإعلام والذكاء الاصطناعي في تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة،  في سياق استعدادات الجهاز لاستضافة الإنكوساي 25 بمدينة شرم الشيخ، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وشدد سويف على أهمية تضافر الجهود بهدف مكافحة الفساد،قائلا “يمكننا أن نحقق ذلك عبر تبادل الخبرات وتعزيز الشراكات بين مختلف الأطراف المعنية بالحوكمة والنزاهة، نمضي اليوم بخطى واثقة نحو ترسيخ منظومة عمل رقابي متكاملة تعزز قيم الشفافية والمساءلة”.

وأضاف “أن التعاون بين المؤسسات لم يعد ممكنًا إلا من خلال أطر مؤسسية متكاملة تقوم على تلاقي الرؤى والأفكار، وحوار دائم وموصول بين جميع الشركاء في مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد”.

تكامل التشريع والتطبيق والرقابة

وأشار المستشار محمد الفيصل يوسف إلى أن الجلسة تجسد هذا التكامل في أبهى صوره، إذ تجمع نخبة من المتحدثين البارزين الذين يمثلون بأشخاصهم وبخبرات مؤسساتهم أبعاد هذا التعاون في أرقى تجلياته.

من جانبه، قال المستشار محمود فوزي أن مكافحة الفساد والوقاية منه عملية مركبة لا يمكن أن تنجح بجهود طرف واحد، بل تتطلب تكامل الأدوار بين التشريع والفهم السليم له، ثم التطبيق الدقيق، وأخيرًا الرقابة الفاعلة على هذا التطبيق، وهو ما يحقق منظومة متكاملة للحوكمة والمساءلة.

وأوضح أن جرائم الفساد وغسل الأموال أصبحت ذات طبيعة عابرة للحدود، تتجاوز النطاق المحلي إلى الإطار الدولي، مما يستلزم تعزيز قنوات التعاون والتنسيق بين الدول والأجهزة الرقابية، لضمان تتبع حركة الأموال غير المشروعة ومنع استغلال الأنظمة التجارية أو المصرفية في عمليات غسل الأموال.

كما أشار إلى أن العالم اليوم يواجه معادلة دقيقة بين حرية حركة التجارة والاستثمار من جهة، والحاجة إلى ضبط ومراقبة تلك المعاملات لمنع استغلالها في أنشطة غير مشروعة من جهة أخرى، مشددًا على أن هذا لا يتحقق إلا من خلال تعاون وثيق بين الأجهزة الرقابية الوطنية والمنظمات الدولية المعنية.

الإعلام والذكاء الاصطناعي.. أدوات داعمة

ومن جانبها أشارت هايدي مرزم، إلى دور الإعلام والصحافة الاستقصائية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، مؤكدة أن الصحافة الاستقصائية تمثل أداة محورية في كشف الحقائق وتوعية الرأي العام بمخاطر الفساد، وهو ما يتكامل مع جهود المؤسسات الوطنية والدولية لتحقيق الحوكمة الرشيدة.

كما أوضحت ممثلة اليونسكو أن التعليم أيضًا يُعد أحد ركائز هذا العمل، حيث تم إدخال مناهج للصحافة التعليمية في عدد من المدارس والجامعات، تهدف إلى نشر الوعي حول كيفية التعامل مع المعلومات المتدفقة يوميًا، خاصة في ظل التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI).

وشددت على أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم الشفافية وتقديم معلومات دقيقة وموثوقة تسهم في خدمة المجتمع ومكافحة الفساد.

واستعرض  إليكسيس كاموهير، المراجع العام في جمهورية رواندا، تجربة بلاده في تعزيز التعاون بين المؤسسات الرقابية والجهات المعنية بمكافحة الفساد، بما يعزز كفاءة الأداء المالي والإداري ويحد من الهدر في المال العام.