اليوان الصيني يتجه لأفضل أداء في 5 سنوات رغم رسوم ترامب

فنتيك جيت: وكالات

يتجه اليوان الصيني لتحقيق أفضل أداء سنوي له خلال 5 أعوام، إذ يطغى التفاؤل المتزايد حيال أصول الصين واقتصادها على المخاوف المرتبطة بتوترات التجارة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ارتفع اليوان المُتداول خارج الصين بنحو 4% مقابل الدولار الأمريكي خلال 2025، مدعوماً بتدخلات السلطات عبر تحديد أسعار الصرف المرجعية اليومية، وبموجة صعود في الأسهم الصينية جذبت تدفقات استثمارية، إضافة إلى تراجع الدولار الأميركي. ويظل المحللون متفائلين إلى حد كبير بأداء العملة في 2026، إذ رفعت مجموعة “غولدمان ساكس” توقعاتها حياله الشهر الماضي.

يمثل صعود اليوان هذا العام تحولاً واضحاً مقارنة بما حدث خلال الجولة الأولى من الحرب التجارية الأمريكية الصينية التي اندلعت في 2018، إذ هبطت العملة حينها بأكثر من 13% من ذروتها في مارس 2018 إلى قاعها في سبتمبر 2019، مدفوعة بتكهنات بأن الصين ستضطر إلى خفض قيمة اليوان لدعم النمو.

قال وي خون تشونغ، كبير استراتيجيي أسواق آسيا والمحيط الهادئ لدى “بي إن واي” في هونغ كونغ، إن لدى اليوان الصيني مجالاً لمزيد من الصعود من المستويات الحالية، مشيراً إلى أن التوقعات الفنية تشير إلى تحرك سعر صرف الدولار الأميركي مقابل اليوان صوب 7 يوانات للدولار خلال 2026، وأن الحفاظ على يوان مستقر وقوي يلعب دوراً مهماً في تعزيز ثقة السوق والمستثمرين.

على الرغم من المكاسب الإجمالية هذا العام، لم يخلُ مسار اليوان من الانتكاسات. فقد شهدت العملة عمليات بيع واسعة خلال الفوضى التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أبريل الماضي بسبب الرسوم الجمركية، ثم بقيت ضعيفة في منتصف العام تحت ضغط الاقتصاد المتباطئ. ولم تبدأ العملة في التعافي مجدداً إلا في أغسطس مع تحسن معنويات المخاطرة عالمياً.

جاء ضعف الدولار الأميركي في صالح اليوان، إذ تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنحو 7% هذا العام وسط مخاوف من عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة وتفاقم العجز في الموازنة.

وتختلف مقاربة الصين في التعامل مع حربها التجارية الحالية مع واشنطن عن تلك التي اعتمدتها خلال إدارة ترمب الأولى. ففي الفترة 2018-2019 كانت الخيارات محدودة، مع اعتماد الاقتصاد الصيني الكبير حينها على المستهلك الأميركي، أما اليوم فقد وسعت الصين قاعدة صادراتها نحو دول الجنوب العالمي، ورسخت تفوقها في سلاسل إمداد حيوية مثل المعادن النادرة.

يرجّح معظم المحللين استمرار مكاسب اليوان خلال الأشهر المقبلة. وتتوقع لين لي، رئيسة أبحاث الأسواق العالمية لآسيا في بنك “إم يو إف جي”، أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى إضعاف الدولار، ما يدعم اليوان وعملات آسيا الأخرى العام المقبل، مضيفة أن العملة الصينية قد تنهي العام المقبل عند مستوى 6.95 يوان للدولار.

كما رفع بنك “غولدمان ساكس” توقعاته لليوان المتداول داخل الصين الشهر الماضي، مستنداً إلى التفاؤل بأداء الصادرات والفائض في الحساب الجاري، وأشار إلى أن العملة قد تصل إلى مستوى 6.95 خلال ثلاثة أشهر، وإلى 6.85 خلال عام.

ويرى بنك “أستراليا آند نيوزيلند بانكينغ غروب” أن بيع الدولار الأميركي مقابل اليوان سيكون من أفضل رهانات التداول لعام 2026، متوقعاً أن يقوم المُصدرون الصينيون، قبيل عطلة رأس السنة القمرية، بتحويل المزيد من إيراداتهم الدولارية إلى اليوان، إضافة إلى تحويل أرصدة الدولار المودعة لدى البنوك التجارية.

ثمة أصوات تدعو السلطات الصينية للسماح بوتيرة أسرع لصعود اليوان. فقد كتب المسؤولان السابقان في وزارة الخزانة الأميركية براد سيتسر ومارك سوبيل مقالاً الشهر الماضي قالا فيه إن الوقت قد حان لتشجيع ارتفاع كبير في قيمة اليوان مقابل الدولار وعلى أساس مرجّح بالتجارة، معتبرَين أن العملة مقوّمة بأقل من قيمتها بكثير، مشيرَين إلى أنها تقل حالياً بنحو 18% عن قيمتها العادلة.

ويرى ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة “يوريزون إس إل جي كابيتال”، أن الضغوط على اليوان للصعود ستتزايد خلال العام المقبل، وأن السماح بمكاسب إضافية سيكون أمراً لا مفر منه، مؤكداً أن الضغط سيكون باتجاه واحد ومتزايد.

يعتمد أحد أبرز حجج المتفائلين بصعود اليوان على انخفاض قيمته مقارنة بعملات الشركاء التجاريين للصين، إذ يُظهر مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي –الذي يستبعد أثر التضخم– أنه قريب من أدنى مستوياته منذ 2011، وفق بيانات بنك التسويات الدولية.

رغم ذلك، فإن السماح بمكاسب سريعة جداً للعملة ينطوي على مخاطر، منها احتمال تقويض الصادرات الصينية وبالتالي النمو، إضافة إلى إمكانية تشجيع تدفقات الأموال الساخنة التي قد تخلق فقاعات في الأصول وتهدد الاستقرار المالي.

يبدو أن بنك الشعب الصيني يسعى إلى إبطاء وتيرة ارتفاع اليوان، إذ حدد سعر الصرف المرجعي اليومي عند مستوى أضعف من متوسط توقعات المحللين، في خطوة مماثلة لأخرى اتخذها الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ يوليو.

ورغم ذلك، يتوقع كثيرون في السوق استمرار صعود اليوان. وقال تشي لو، استراتيجي الأسواق العالمية في “بي إن بي باريبا أسيت مانجمنت”، إن اليوان قد يتعزز إلى مستوى 7 يوانات مقابل الدولار بحلول نهاية العام، وقد يواصل الارتفاع إلى نطاق بين 6.5 و6.8 خلال العام المقبل، مضيفاً أنه إذا ازداد اقتناع المستثمرين الدوليين بتعافي الاقتصاد الصيني، فإن الأموال التي خرجت قبل ثلاثة أعوام ستعود مجدداً

 

روابط ذات صلة:

اليوان الصينى يتراجع إلى 7.134 أمام الدولار الأمريكي اليوم

البنك المركزي : الاحتياطي النقدي لمصر يتخطى حاجز 47 مليار دولار لأول مرة في تاريخه

إجمالي الناتج المحلي للصين ينمو بنسبة 5% في النصف الأول