«مصطفى أحمد» يكتب.. صحة الموظف النفسية… وأزمة المهارات الجديدة: معادلة النجاح في بيئات العمل الحديثة

في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل واعتماد الشركات على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبح الضغط النفسي على الموظفين أعلى من أي وقت مضى. ومع ذلك، تظل معظم المؤسسات منشغلة بقياس الأداء ورفع الإنتاجية بينما تتجاهل عاملًا حاسمًا لا يقل أهمية: الصحة النفسية للموظف. 

في الوقت نفسه، تضطر الشركات إلى إعادة تدريب موظفيها واكتساب مهارات جديدة في عملية تُعرف بـ إعادة التأهيل المهني (Reskilling). ورغم أهميتها، تفشل كثير من المؤسسات في ربط هذه الجهود بحالة الموظف النفسية، مما يجعل برامج التدريب عبئًا بدلًا من أن تكون فرصة للنمو.

 


العمل تحت ضغط… ومهارات تتغير كل يوم

تشير الاتجاهات الحديثة إلى أن الوظائف التقليدية تتغير بوتيرة غير مسبوقة، وأن 40–50% من الموظفين عالميًا سيحتاجون إلى إعادة تأهيل مهني خلال السنوات القليلة القادمة. هذا الواقع يخلق حالة من القلق والخوف من فقدان الوظيفة أو عدم القدرة على مواكبة التغيير.

في المقابل، تظهر الأبحاث أن الضغط النفسي المزمن يقلل من سرعة التعلم، ويزيد من مقاومة الموظف لأي تغيير، حتى لو كان هذا التغيير لصالحه.


ارتباط مباشر بين الصحة النفسية وفعالية التدريب

التجربة العملية داخل المؤسسات تؤكد أن الموظف الذي يشعر بالأمان والدعم النفسي يكون أكثر استعدادًا لتعلم مهارات جديدة، وأكثر قدرة على تقبّل التطوير. بينما يؤدي تجاهل الضغط النفسي إلى:

  • انخفاض الإنتاجية
  • زيادة الأخطاء
  • ارتفاع معدل دوران الموظفين
  • ضعف نتائج التدريب
  • مقاومة التغيير داخل الفريق

بمعنى آخر: لا يمكن تنفيذ Reskilling فعال بدون رعاية الصحة النفسية للموظفين.


دور الموارد البشرية في المعادلة الجديدة

لم يعد دور إدارة الموارد البشرية يقتصر على التوظيف والرواتب. اليوم، تتحمل الإدارة مسؤولية خلق بيئة عمل توفر:

 

  1. دعم نفسي حقيقي

 

  • برامج استشارة داخلية أو خارجية
  • ورش عمل عن إدارة الضغوط
  • تدريب القادة على التواصل الفعّال
  • تعزيز ثقافة التقدير والانتماء

 

  1. خطط Reskilling مدروسة

 

  • تحديد فجوات المهارات بوضوح
  • توفير مسارات تدريبية واقعية
  • منح الموظف وقتًا للتعلم خلال ساعات العمل
  • تدريب يراعي الفروق الفردية والقدرات النفسية

 

  1. الدمج بين الجانبين

 

  • متابعة مستوى الضغط خلال رحلات التدريب
  • تبسيط المحتوى التدريبي قبل تقديمه
  • تشجيع الحوار بين الموظفين والإدارة
  • خلق بيئة آمنة لتجربة المهارات الجديدة دون خوف من الأخطاء

مؤسسات أقوى وموظفون أكثر قدرة على المستقبل

 

الجمع بين Mental Wellbeing و Reskilling HR يخلق نموذجًا أكثر إنسانية واستدامة داخل العمل. فهو يمنح الموظف شعورًا بالأمان، ويُظهر اهتمام المؤسسة بسلامته ونجاحه، ويعزز قدرتها على التكيف مع التحولات الكبرى في سوق العمل.

المؤسسات التي تستثمر في الصحة النفسية والتدريب معًا لا تحافظ فقط على كفاءاتها؛ بل تبني فرقًا مستعدة للمستقبل، قادرة على الابتكار، وقادرة على المنافسة في بيئة عالمية لا ترحم.


خاتمة

أصبح من المستحيل الفصل بين الصحة النفسية وتطوير المهارات. الشركات التي تركز على الأداء فقط تخسر، أما التي توازن بين الإنسان والتطوير فهي التي تقود مستقبل العمل.

بقلم

خبير التوظيف و التطوير المهنى

مصطفى احمد

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: