دكتور محمد راشد يكتب.. صناعة العقار وأركانها الأربعة..دلالة أم احتراف

بقلم: دكتور محمد راشد

بكل تأكيد تحتاج صناعة العقار لكي تحقق النمو والتطور ضروره تبني قاعدة معلوماتية عن مبادئ والأساليب العقارية وأن تكون تلك المعلومات دقيقة وعلى معلوماتية دقيقة وواسعة التفاصيل وأن نتابع القطاع العقاري ونتتبع تعاريف بنود موارده التخصصية وكيفية شموليته للمجالات التي تتجاوز أعمال البيع علي المنتج العقاري بشكله النهائي إلى التطوير والاستثمار العقاري وأعمال إدارة الأملاك العقارية والتشغيل والصيانة.

حيث أن هذه المجالات المتخصصة في القطاع العقاري تعد محركا لأكثر من 100 صناعة في قطاعات إقتصاديه أخرى، ولعل ذلك مايعد سببا قويا في أن قطاع التطوير العقاري يعد حقا محركا رئيسيا لعمليه التنمية وتحقيق إستدامتها في كافه القطاعات الاقتصادية الأخرى، حيث يبدأ دور القطاع العقاري في صناعه التنمية من الاستشارات الهندسية والمالية والقانونية على أنواعها المتعددة ومروراً بصناعة البناء والتشييد ومواد البناء والمتعهدين الذين يشتركون جميعهم في صناعة التطوير العقاري.

لذلك فإن القطاع العقاري يعتبر من أكبر القطاعات الصناعية في العالم، والمحرك الفعلي للاقتصاد المحلي والوطني في كثير من اقتصاديات العالم ، وتخفيض نسبة بطالة القوى العاملة في مختلف الصناعات الأخرى، وبالتالي فعندما يتخذ المستثمر العقاري القرار بتنفيذ مشروع عقاري ما، يكون قد أدار محرك القاطره التي سوف يقودها لتحقيق التنميه في مكان معين ولمدة زمنية معينة، ويستفيد معه العشرات بل المئات من الاستشارين والخبراء والمقاولين والعاملين في مختلف المجالات الإنتاجية في القطاعات الصناعية الأخرى، تبدأ من شركات الوساطه العقاريه ، والتي وفقا لمقتضيات الصناعه العقارية تستلزم أن تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة والعلم والخبرة في عملية البحث عن العقار المناسب والمطابق للشروط والمواصفات الخاصة بالشخص الراغب في الاستثمار وبجدوى المشروع لدعم اتخاذ القرار الاستثماري الصحيح.

ولعل من أفضل مايميز الصناعه العقارية ، هو تنوع مهن الأعمال العقارية بها على عدة مجالات في القطاع العقاري حيث يختار العاملون في هذا القطاع المهنة التي تتلاءم مع كفاءاتهم العلمية والعملية التي سوف تزيد من قدراتهم وطموحاتهم المستقبلية وبالتالي فإن المهن العقارية تشمل أنواعا مختلفة من الأعمال الاحترافية في القطاع العقاري التي يتأثر بها كل أفراد المجتمع دون استثناء، فحاجة الفرد إلى مسكن ومدرسة ومستشفى ومكتب ومركز عمل وسوق تجاري ومبضع وفندق ومصنع على اختلاف مستوياتها تبدأ أولاً بالوسيط العقاري المحترف ، والذي ربما يحتاج إلي مهارات معينه مثل فن المحادثة والمناقشة والطرح والاقناع، وفن صناعة الصفقات وتنفيذها، وكذلك إلمامه بعلم الأرقام على كافة مستوياتها العقارية والمالية، والإلمام والعلم الجيد باللوائح والتشريعات والقوانين التي تحكم وتؤطر التعاملات العقاريةداخل السوق العقاري الذي يتواجد به.

فالأرقام تتكلم وتخرج عن صمتها وعزلتها في القطاع العقاري وتجذب بقوتها وسحرها العملاء (مشترين أو بائعين)، لذلك فإن أكثر ما يهم المستثمر العقاري الناجح هو التعامل مع وسيط عقاري محترف وناجح يقوده إلى العقار المناسب والمربح ويبعده عن أي عقار لا يتوافق مع توجه استثماراته ولا يلبي حاجته ولا يناسب تعاملاته المادية وغيرها. كما يهم الوسيط الناجح أيضاً كسب ثقة العميل وتوفير وقته وماله ليبني معه علاقات لا تنتهي بصفقة عقارية واحدة، بل أن يكون مخلصاً له على مدى الحياة العملية، وبالتالي لا تتوقف خدمة الوسيط العقاري المحترف على حل مشكلة حاليه لعقار ما بل يسعى دائماً إلى المعرفة لتنمية قدراته العملية والعلمية من المصادر العقارية المختلفة.

ولم تعد المهنة العقارية هواية أو مهنة المتقاعدين في العالم كما كان حالها في الماضي القريب مبنية على قواعد (السمسرة) البدائية في كثير من الأسواق العقارية، وذلك لأن التطورات الحديثة والمتسارعة التي حولت عالم الأمس إلى قرية عالمية صغيرة وأثرت في مجالات وصناعات عديدة من بينها صناعة العقار وبرامج القروض المالية التي قد تظهر معقدة للكثيرين وعالم التكنولوجيا الذي قرب المسافات وأزال الحواجز والمطالب الحياتية للفرد المتجددة في عالم اليوم وغيرها، لعبت جميعها دوراً مؤثراً في القطاع العقاري في كافة مجالاته الأربعة (الوساطة العقارية، الإدارة العقارية، الاستثمار العقاري، والتطوير العقاري)، ودفعت بالقطاع العقاري ليحول هذه التطورات ويوفرها ولشاغليها المساحات والأجواء الضرورية لمواكبتها.

ويمكن تحديد أهم الأسباب التي أثرت على القطاع العقاري في عصرنا اليوم والتي اقتحمت أسواقنا بدون استئذان بالتالي: 1. ثورة التكنولوجيا التي دخلت بيوتنا وعقولنا بشكل دائم. 2. حرية التبادل التجاري بين البلدان وسقوط الحدود الاقتصادية. 3. حرية التنقل والهجرات الأفقية بداعي العمل. 4. ازدياد متطلبات الإنسان والأسرة على كافة الأصعدة ( السكنية والتجارية والترفيهية…) 5. ارتفاع تكلفة المعيشة الطبيعية وتنوع عمل الفرد. 6. المنافسة الحرة في كافة المجالات.

وبلاشك دفعت هذه التطورات القطاع العقاري لزياده هذه المتغيرات وإبداعاتها بتزويد السوق العقاري بالكوادر المحترفه والتي على درجة عالية من المعرفة والخبرة والسيطرة على هذه المتغيرات المستمرة، وبما أن القطاع العقاري يعتبر من أكبر القطاعات الإنتاجية في حركة الاقتصاد المحلي في أي بلد ودولة، فإن الصناعه العقارية تعتمد على مستوى العاملين فيها لإيجاد الاحتياجات العقارية لسوق ما، والذي يساعد على تنوع احتياجات السوق وتطورها هو تنوع مستويات العاملين فيه وتطورهم ، وهو مايؤكد أن إلعوامل المهنية قد تغيرت في كافة القطاع والقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع العقاري الذي يأخذ نصيبه سريعاً في هذا التطور اليومي.

وبالتالي لا بد لمن يرغب في دخول إحدى هذه المجالات أن يدرك أنها ستأخذ الكثير من وقته وجهده ويمضي سنوات عديدة من عمره في الدراسات والترتيب للعمل في مجال معين جانياً لكسب مادي شريف يؤمن له ولعائلته حياة كريمة ، ومن هنا يجب على الراغب في اختيار مجال ما أن يتعامل معه كمهني محترف لا كهاو وذلك بالبحث عن مصادر المعلومات الضرورية واللازمة لصقل خبرته العقارية من خلال المعاهد والكتب والمعلومات المتوافرة على شبكة الإنترنت وعبر دورات علمية في المجال العقاري،د.

علماً بأن المهنة العقارية بجانبها العلمي يوجد لها معاهد كثيرة ولأنها أكثر ما تعتمد على الخبرة العملية ثم على الفرد نفسه ليبحث عن المصادر العلمية والعملية وأن يكون لديه الرغبة الدائمة في تطوير مستواه العلمي والعملي. القدرة على العمل في القطاع العقاري بعد إلمام الشخص بحدود القطاع العقاري ومعرفة مجالاته الأساسية اللازمة وتقرير أي من هذه المجالات يتناسب مع رغباته وقدراته، وتنطلق طاقته للعمل فيها بشكل احترافي يجب عليه معرفة الأسس الخاصة التي تتطلبها أي من هذه المجالات التي تشترك جميعها في ثلاثة مبادئ أساسية تنحصر في الآتي: (شبكة اتصالات، العلم المطلوب، التكنولوجيا وتأثيرها على المجال) وبالتالي تتبلور الخبرة العقارية من خلال اكتسابه هذه الأسس من أي مصادر متاحة في السوق العقارية من دراسة أكاديمية أو الدورات المهنية أو المبادرات الذاتية لتنمية الشخصية العقارية في المجال الذي حدده.

مميزات الشخصية العقارية تتنوع شخصية المحترف العقاري بحسب المجالات العقارية المختلفة وبالتالي تحديد أربعة أنواع من الشخصيات العقارية:

1. شخصية الوسيط العقاري الذي يتمتع بصفات مميزة أهمها الكثير والكثير من الصبر والتفاني في خدمة الآخرين.

2. شخصية المدير العقاري بعقل تفصيلي لإدارة العقارات وذاكرة قوية جداً.

3. شخصية المستثمر العقاري المحيط والملم بأسس المخاطر ومستوياتها واتخاذ القرارات المناسبة.

4. شخصية المطور العقاري بالتنظيم الدقيق لتسهيل الأمور المستعصية وحل وتفكيك المشاكل.

وعندما يدرك الشخص ميوله الذاتية وقدراته الشخصية والعملية وطموحاته المستقبلية يمكن أن يقرر المجال الذي سيخوض غماره لأن العمل في المجال العقاري بشكل عام ليس عملاً وظيفياً روتينياً، بدوام معين وراتب محدد، بل إن المحترف العقاري هو الذي يحدد دوام عمله ودخله الشهري والسنوي ومستواه المعيشي الذي يرغب في تحقيقه. إن المهنة العقارية قد تظهر سهلة، لكنها ممتـنـعة على كثير من الناس لاختلاف شخصياتهم، وككل المهن الحرة هي رحلة في معترك الحياة التي أصبحت حالياً معركة لا بد لها من أساليبها – السلمية طبعاً – التي تعتمد على الخطط الذكية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب واقتناص (اللحظة المناسبة) والرؤية السليمة للسوق العقاري.

 

دكتور محمد راشد 

عضو غرفه صناعه التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية

 

مقالات سابقة للكاتب:

دكتور محمد راشد: وجود بورصة عقارية تصب في مصلحة القطاع العقاري في مصر

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.