«د. نور الزيني»: الاستثمار في الإنسان والتعليم هو الطريق الأهم لتحقيق تنمية مجتمعية مستدامة

فنتيك جيت: مصطفى عيد
شاركت الدكتورة «نور الزيني» رئيسة الشمول المالي والاتصالات المؤسسية والمسؤولية الاجتماعية للشركات ببنك قناة السويس، اليوم الأحد فى جلسة “فن التأثير.. وبناء علامتك التجارية” ضمن فعاليات اليوم الثاني من قمة المرأة المصرية 2025، حيث أكدت على أن المسؤولية المجتمعية لا يجب أن تظل نشاطًا هامشيًا، بل ينبغي أن تكون جزءًا أصيلًا من استراتيجية المؤسسات، موضحة أن اختيار «القناة الصحيحة» للوصول إلى المجتمع هو العامل الحاسم في تحقيق تأثير حقيقي ومستدام، وأكدت أن المبادرات التطوعية، إذا أُحسن توجيهها، قادرة على إحداث تغيير ملموس، خاصة في مجالات التعليم وبناء القدرات.

وشددت فى كلمتها خلال الجلسة على أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأهم، قائلة إن تعليم فرد واحد بشكل جيد يمكن أن ينعكس على أسرة كاملة، بل ومجتمع بأكمله، وهو ما يجعل دور الشركات في دعم التعليم والتدريب ضرورة وطنية، وأشارت إلى أن تمكين المرأة، خصوصًا السيدات المعيلات، كان محورًا رئيسيًا في عدد من المبادرات التي شاركت فيها، حيث تم توفير فرص عمل حقيقية لآلاف السيدات بالتعاون مع مؤسسات تنموية ومبادرات محلية، من بينها مشروعات لإعادة التدوير وصناعات بسيطة تقودها سيدات في محافظات مختلفة.

وأوضحت أن هذه التجارب لم تكن مجرد أرقام أو مشروعات على الورق، بل قصص نجاح إنسانية تركت أثرًا عميقًا في حياتها الشخصية، مؤكدة أن الاحتكاك المباشر بالمجتمع يمنح العمل معنى أعمق من أي منصب أو لقب مهني.

وتابعت حديثها أن النجاح الحقيقي لا يكتمل دون السلام الداخلي والتوازن بين العمل والحياة، مشيرة إلى أن أكثر اللحظات تأثيرًا في مسيرتها كانت حين شاركت أسرتها، عبر الاتصال المرئي، لحظة تحقيق أحد إنجازاتها المهنية، لتدرك حينها أن الدعم الإنساني والعائلي هو القيمة الأهم في أي رحلة نجاح.
كما استعرضت خلال الجلسة مسيرتها المهنية والإنسانية، مؤكدة أهمية تمكين الشباب، ودور المرأة في القطاع المصرفي والمسؤولية المجتمعية، إلى جانب تجربتها الشخصية التي شكّلت وعيها المهني والإنساني.

وتطرقت نور الزيني إلى بداياتها المهنية، مشيرة إلى أنها منذ سنوات دراستها الجامعية حرصت على تطوير مهاراتها عبر دراسة اللغة الإنجليزية والحصول على دورات تدريبية متعددة، إلى جانب اهتمامها المبكر بتكنولوجيا المعلومات، وهو ما تأثر بوالدها الراحل، أحد المؤسسين الأوائل لقطاع الحاسب الآلي، حيث كان الحديث عن الذكاء الاصطناعي حاضرًا داخل المنزل في وقت لم يكن هذا المفهوم شائعًا.

وسردت تجربتها في الهجرة إلى كندا في أوائل التسعينيات، مؤكدة أن تلك المرحلة كانت من أصعب محطات حياتها، إذ انتقلت إلى بلد جديد دون شبكة علاقات أو إتقان كامل للغة، وفي ظل غياب الإنترنت، وأوضحت أنها اعتمدت على الدليل الهاتفي للتواصل مع الشركات، وتعرّضت للرفض في كثير من الأحيان، لكنها أصرت على المحاولة حتى حصلت على أول فرصة عمل في مكتب بمونتريال، واصفة تلك التجربة بأنها نقطة تحوّل رئيسية في مسيرتها.
كما تحدثت عن توازنها بين الحياة المهنية والعائلية، معربة عن فخرها بابنتها وأحفادها، ومؤكدة أن الدعم العائلي كان عنصرًا أساسيًا في نجاحها، وأشارت إلى أن الأجيال الجديدة أصبحت مصدر إلهام لها، حيث تتعلم منهم بقدر ما تقدّم لهم من خبرات.

وتناولت نور الزيني عودتها إلى مصر، موضحة أن البحث عن فرص العمل آنذاك كان يعتمد على التواصل المباشر وإرسال السيرة الذاتية ورقيًا، وهو ما قادها للعمل مع «Arthur Andersen»، ثم الانتقال إلى العمل الإعلامي والمالي في «ART – Radio & Television Network»، حيث شغلت منصب المدير المالي لأسواق مصر وأوروبا، ما أتاح لها فهمًا أعمق للأعمال والبيزنس.

وأضافت أنها استفادت من فرص التنقل الوظيفي داخل المؤسسات الكبرى، معتبرة أن الانتقال الداخلي بين الإدارات والدول يفتح آفاقًا أوسع للنمو المهني. كما تطرقت إلى تجربتها في القطاع المصرفي، مؤكدة أن العمل على تطوير الهوية المؤسسية كان من أهم وأقرب التجارب إلى قلبها، واصفة هذه الخطوة بأنها كانت نقلة نوعية عززت مكانة المؤسسة، مؤكدة في رسالتها للشباب أن الجرأة في اختيار الطريق الأصعب، والإصرار على تطوير الذات ومواجهة التحديات، هي المفاتيح الحقيقية التي تفتح أبواب النجاح غير المتوقعة.

وفي ختام حديثها، شددت نور الزيني على أهمية اختيار القنوات الصحيحة للعمل المجتمعي، مؤكدة أن العمل التطوعي والمسؤولية المجتمعية «CSR» عنصران أساسيان للتنمية المستدامة. وأوضحت أن دعم وتمكين السيدات يمثل محورًا رئيسيًا في عدد من المبادرات، من خلال توفير فرص عمل لآلاف السيدات، والتعاون مع مؤسسات مجتمع مدني، وإطلاق مشروعات لإعادة التدوير تقودها سيدات في عدد من المحافظات، واختتمت كلمتها برسالة إنسانية قصيرة، أكدت فيها أن السلام هو الأساس، وأن بناء الإنسان وتمكينه هو الطريق الحقيقي لأي تقدم.