من «الكارت الموحد» إلى الذكاء الاصطناعي… «التموين» تقود التحول الرقمي لضبط الأسواق وحماية الدعم

فينتك جيت: ريهام علي
تلعب وزارة التموين والتجارة الداخلية دورًا محوريًا في دعم مسيرة التحول الرقمي في مصر، باعتباره أحد الركائز الأساسية لتطوير منظومة التجارة الداخلية وضمان وصول السلع والخدمات للمواطنين بكفاءة وعدالة، وذلك في إطار توجه الدولة نحو بناء اقتصاد رقمي أكثر كفاءة واستدامة.
وتعمل الوزارة على تبنّي حلول رقمية متكاملة تستهدف ميكنة الخدمات التموينية، وتعزيز الشفافية، وتحسين إدارة سلاسل الإمداد، بما يسهم في ترشيد الدعم، ورفع كفاءة الأداء المؤسسي، وتقديم خدمات أكثر سهولة وسرعة للمواطنين.
وفي ظل تسارع وتيرة التطور التقني، لم يعد التحول الرقمي خيارًا ترفيهيًا، بل أصبح ضرورة حتمية للقدرة على المنافسة وضمان الاستمرارية والنمو في بيئة تتسم بحدة التنافس.
فقد باتت التقنيات الحديثة تمثل عصب العمليات التشغيلية وبوابة رئيسية للابتكار، لما توفره من فرص لتحقيق الكفاءة التشغيلية وتعزيز الإنتاجية، فضلًا عن دورها في دعم نظم الإدارة الحديثة القائمة على البيانات.
كما يلعب التحول الرقمي دورًا رئيسيًا في تمكين منظومات اتخاذ القرار داخل وزارة التموين، من خلال إتاحة قرارات أسرع وأكثر دقة، مدعومة ببيانات مدققة ومحدثة، بما يعزز من فاعلية السياسات التموينية وحسن إدارة الموارد.
ومن هذا المنطلق، يُعد تبنّي استراتيجية واضحة ومحددة للتحول الرقمي استثمارًا استراتيجيًا في المستقبل، يسهم في بناء مرونة تنظيمية، ويخلق قيمة مستدامة، ويضع منظومة العمل بالوزارة والجهات التابعة لها في موقع متقدم لمواجهة التحديات العصرية المتسارعة.
وفي هذا الإطار، كثّفت وزارة التموين والتجارة الداخلية جهودها، بالتعاون مع الجهات المعنية وكافة الجهات التابعة لها، لتنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع، من خلال عدد من المشروعات والمبادرات الرقمية المحورية.
ويأتي في مقدمة هذه الجهود التعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنفيذ مشروع منظومة استخدام الكارت الموحد للخدمات الحكومية، كوسيلة حديثة لتقديم الدعم التمويني ودعم الخبز.
وتعتمد المنظومة الجديدة على إتاحة حزمة متكاملة من الخدمات للمواطنين عبر كارت ذكي موحد ومؤمَّن يتوافق مع متطلبات الأمن السيبراني، ليكون بديلًا عن بطاقة الدعم التمويني الحالية.
وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في مسار التحول الرقمي والحوكمة، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، وتقليل الهدر في الموارد المالية للدولة، إلى جانب تعزيز الشمول المالي وتبسيط الإجراءات الحكومية.
كما تعتمد المنظومة على محددات العدالة الاجتماعية في تحديد الفئات المستحقة للدعم، استنادًا إلى استمارات تحديث البيانات، بما يسمح ببناء نظام قائم على معايير موضوعية وقابلة للتحديث، ويعزز الشفافية وكفاءة الاستهداف وتنقية قواعد بيانات مستحقي الدعم.
وقد تم البدء فعليًا في تجربة تفعيل المنظومة بمحافظة بورسعيد اعتبارًا من أول أبريل 2025.
وفي سياق متصل، تعمل الوزارة بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء على بناء منظومات رقمية متطورة لمتابعة المخزون من السلع الاستراتيجية، وضبط الأسعار، ومراقبة الأسواق. وتوفر منظومة متابعة المخزون رؤية شاملة ودقيقة لحركة السلع الاستراتيجية على مستوى الجمهورية، من خلال ميكنة عمليات الرقابة والمتابعة، وربط بيانات الشركات والمخازن، وتقديم أدوات تحليلية متقدمة تتيح التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية وتأمين الإمدادات بكفاءة عالية، إلى جانب عرض خرائط تفاعلية توضح توزيع الأرصدة.
كما أطلقت الوزارة تطبيق «رادار الأسعار»، الذي يعتمد على تقنيات حديثة لرصد وتحليل أسعار السلع الأساسية، بما يتيح للمواطنين الاطلاع الفوري على الأسعار، والبحث عن أقل سعر متاح في نطاقهم الجغرافي، والإبلاغ عن المخالفات السعرية، بما يعزز دور المستهلك في الرقابة المجتمعية على الأسواق.
وفي إطار توظيف الذكاء الاصطناعي، يجري تنفيذ منظومة لمراقبة الأسواق تعتمد على نماذج تنبؤية لأسعار السلع الاستراتيجية، من خلال تحليل ملايين النقاط البيانية التاريخية ورصد تحركات الأسواق العالمية، بما يمكّن متخذي القرار من اتخاذ إجراءات استباقية تضمن استقرار الأسعار، وتعزيز الرقابة الفعالة، وحماية المستهلك، استنادًا إلى بيانات موثوقة.
كما طورت الوزارة تطبيق «كارت المفتش» للتفتيش على المخابز، بهدف تحويل تحرير محاضر التفتيش إلى نظام رقمي متكامل يضمن الدقة والسرعة، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة للمخابز على مستوى الجمهورية، وإتاحة تقارير وخرائط تفاعلية توضح مستويات الالتزام، بما يعزز شفافية الرقابة على هذا القطاع الحيوي المرتبط بالأمن الغذائي.
وعلى صعيد آخر، تدرس الوزارة إنشاء منظومة «Track & Trace» لتتبع وحوكمة حركة الدقيق والسلع الغذائية، بما يسمح بمراقبة حركة السلع من المطاحن مرورًا بالمخابز وحتى وصولها إلى المستهلك النهائي، والتدخل عند الضرورة استنادًا إلى بيانات لحظية دقيقة، بما يحد من الهدر والفاقد، ويعزز الرقابة على سلاسل الإمداد، وينعكس إيجابيًا على كفاءة المنظومة التموينية وتحقيق الأمن الغذائي.
وتعكس هذه الجهود التزام وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتحول إلى منظومة عمل رقمية متكاملة تعتمد على البيانات والتكنولوجيا الحديثة، وتواكب متطلبات المرحلة الراهنة، بما يسهم في تطوير منظومة التجارة الداخلية، وضبط الأسواق، وترسيخ أسس الاستدامة والأمن الغذائي في مصر.

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: