الخبير المصرفي هاني عادل يكتب: حكمة البنك المركزي وإنهيار السوق السوداء

فى آخر أيام العام اشتعلت التكهنات عقب إعلان صندوق النقد الدولى بالموافقة على منح مصر تمويلاً بقيمة 3 مليارات دولار ، و انحسرت التوقعات فى احتمالية خفض قيمة الجنيه مجدداً ، إلا أن البنك المركزى الذي يدير الأزمة بالكثير من الحكمة حافظ على هدوئه و مراقبة السوق مركزاً جهوده على حل الأزمة و ليس الرد على المهاترات.
وصمت قيادات البنك المركزي له أبلغ الأثر في إرباك السوق السوداء وتكبده خسائر ضخمة بعدما شهد الدولار انخفاضا حادا فى سعر الصرف الغير رسمي وسط حالة من الترقب لما سيسفر عنه قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى فيما بعد والذي جاء فوق التوقعات أيضا.
حيث خرجت لجنة السياسة النقدية بقرار رفع معدلات الفوائد بقيمة 3% دون المساس بقيمة الجنيه و سعر الصرف تماماً ، الأمر الذي يعكس انتعاشه فى التدفقات الدولارية للدولة مكنتها من الحفاظ على سعر صرف رسمي مقبول دون الحاجة للحاق بسباق السوق السوداء.
و فى ذات الوقت أصدر البنك المركزى توجيهاته للبنوك لإحكام الرقابة على البطاقات المصرفية للعملة الأجنبية ، ووضع حدود قصوى للتعاملات بالبطاقات المصرفية بالعملة الأجنبية، فضلاً عن إفصاح المركزى عن قائمة من الممارسات الغير مشروعة و المؤثرة فى سوق الصرف الاجنبي .
كل ذلك جاء بالتوازى مع أمرين مهمين ، اولهما تصريحات سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي عن خطة الدولة و القطاع المصرفي لتدبير العملة الاجنبية اللازمة لتغطية الاعتمادات المستندية المتعلقة للبضائع المتراكمة بالموانيء ، بالإضافة التى استعراض رئيس الوزراء لما تم تدبيره خلال الشهر الحالى من عملة أجنبية لازمة للإفراج عن بضائع من الموانئ قيمتها 5 مليارات دولار ، وهو ما أكده البنك المركزى كذلك فى بيان له يوم الاثنين.
هنا لا يفوتنا أن نشير إلى أن ان تصريحات الرئيس عكست ثقة و أريحية كبيرة بالسوق تجاه خطة الحكومة و البنك المركزى فى التعامل مع الأزمة ، أما الامر الثاني فكان تصريح الاستاذ هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الاهلى المصري و نفيه لما تم تداوله من شائعات و أخبار مغلوطه حول طرح البنك الاهلى لشهادات ذات عائد مرتفع ، مؤكدا أنه لا توجد حاجه أو نيه فى الوقت الحالي لذلك .
كل ذلك يجعلنا نخرج بعدة مؤشرات هامه وهى ، أن هناك تدفقات دولارية دخلت السوق المصرية خلال الفترة الماضية عززت من قدرتنا على سد احتياجات السوق ، وأن أزمة البضائع المكدسة بالموانيء المصرية شارفت على الإنتهاء ، و أن القطاع المصرفي يتعامل بشكل مختلف فيما يتعلق بأسعار الفوائد و استخدامات تلك الوسيلة فى مواجهة التضخم .
تلك المؤشرات تجعلنا نرى أن السيناريو المتوقع فى المرحلة القصيرة القادمة يمكن أن يكون فى انخفاض أسعار الصرف الرسمية بالبنوك عقب توفير إحتياجات السوق ، و ربما كان ذلك الخفض بشكل تدريجي يومي أو شبه يومي ، خاصةً بعد استقرار اسعار الصرف و ثباتها تقريبا آخر أسبوع ، كما أنه خلال ديسمبر فأن ارتفاع سعر الصرف كان محدود جداً رغم تدبير القطاع المصرفي لـ 5 مليارات دولار لتغطية طلبات الاعتمادات ، وهو ما يؤكد على أننا بصدد تحسن فى قيمة الجنيه و انخفاض أسعار الصرف و ثبات و استقرار اسعار المنتجات بل و ربما انخفاضها ، حيث أن الإفراج عن البضائع العالقة بالموانيء من شأنه أن يزيد المعروض ، و بزيادة المعروض مع افتراض ثبات معدلات الطلب سينعكس بطبيعة الحال على اسعار تلك المنتجات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.