وزير المالية: الاستثمار في العنصر البشري هو الضمانة الحقيقية للتنمية المستدامة

فينتك جيت:ريهام علي

أكد أحمد كوجك، وزير المالية، أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بالمناصب أو الألقاب، وإنما بحجم الأثر الإيجابي والملموس الذي يتركه الإنسان في مؤسسته ومجتمعه ووطنه، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تؤمن إيمانًا راسخًا بأن الاستثمار في العنصر البشري يمثل الضمانة الأساسية لاستدامة التنمية وتحقيق التقدم.

جاء ذلك خلال كلمته في حفل تخرج دفعة جديدة من دارسي الماجستير والدكتوراه بالأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، بحضور الدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية، وعدد من قيادات القطاعين المالي والمصرفي، إلى جانب أعضاء هيئة التدريس والخريجين وذويهم.

واستهل وزير المالية كلمته برسالة فخر واعتزاز بانتمائه للعمل العام، مؤكدًا أنه يعتبر نفسه «ابنًا لمؤسسات الدولة»، مستعرضًا بعضًا من محطات مسيرته المهنية، لاسيما بداياته التي شهدت استفادته من منح وزارة المالية للدراسة في كبرى الجامعات العالمية، وعلى رأسها جامعة هارفارد، موضحًا أن هذا الاستثمار الحكومي المبكر في الكفاءات الشابة كان له بالغ الأثر في تشكيل مساره المهني.

وقال: «أقف أمامكم اليوم دليلًا حيًا على أن الدولة عندما تستثمر في أبنائها، فإن العائد يكون كبيرًا في خدمة الوطن وبناء مؤسساته».

ووجّه كوجك ثلاث رسائل رئيسية إلى الخريجين، اعتبرها ركائز أساسية لاستمرار النجاح المهني. وأوضح في الرسالة الأولى أن النجاح ليس محطة وصول، بل رحلة مستمرة تتطلب التعلم الدائم وتطوير الذات، مؤكدًا أن التخرج لا يمثل نهاية المطاف، وإنما بداية مرحلة جديدة أكثر مسؤولية، وأن النجاح في جوهره «عقلية» ترافق الإنسان طوال حياته المهنية.

وفي رسالته الثانية، شدد وزير المالية على أهمية العمل الجماعي، مشيرًا إلى أن عصر «النجاح الفردي» قد ولّى، وأن القيادة الحقيقية تعني القدرة على العمل ضمن فريق، وتمكين الآخرين وإتاحة الفرصة لهم للإبداع والمشاركة، مؤكدًا أن القائد الناجح هو من يصنع قادة من حوله، وليس من يحتكر القرار أو الإنجاز.

أما الرسالة الثالثة، فقد ركزت على أهمية الشغف، حيث دعا الخريجين إلى العمل في المجالات التي يحبونها ويؤمنون بها، موضحًا أن الشغف هو الوقود الحقيقي للتميز، وهو ما يمنح الإنسان القدرة على تحمل ضغوط العمل وتحقيق إنجازات استثنائية وغير تقليدية.

وحرص وزير المالية خلال كلمته على توجيه تحية خاصة إلى أسر وعائلات الخريجين، معتبرًا إياهم «الجنود المجهولين» خلف كل قصة نجاح، مؤكدًا أن التفوق المهني والعلمي لا يتحقق بمعزل عن دعم الأسرة، سواء من الآباء والأمهات أو الأزواج والزوجات، الذين يتحملون الكثير لتهيئة المناخ المناسب للنجاح.

وفي ختام كلمته، أشاد كوجك بالدور المحوري الذي تقوم به الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية باعتبارها شريكًا استراتيجيًا لوزارة المالية، مؤكدًا أن الوزارة تعتمد على الأكاديمية في رفع كفاءة كوادرها من خلال برامج الماجستير والدكتوراه وبرامج التدريب المتخصص، بما يسهم في تقليص الفجوة بين الدراسة الأكاديمية ومتطلبات الواقع العملي، معربًا عن اعتزازه بوجود أكثر من 35 ألف خريج للأكاديمية يسهمون بفاعلية في دعم الاقتصاد المصري والقطاع المصرفي في مصر والعالم العربي.

وفي سياق متصل، أكد يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أن القطاعين المصرفي والمالي يواجهان تحديات تكنولوجية غير مسبوقة، في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مشددًا على أن المنافسة أصبحت أكثر شراسة، وأن القاعدة الحاكمة في عالم اليوم هي: «من يقف مكانه، يتراجع إلى الخلف».

وقال أبو الفتوح، خلال كلمته، إنه شارك مؤخرًا في اجتماعات مع عدد من كبرى البنوك العالمية في العاصمة البريطانية لندن، ولاحظ أن القضايا التي تشغل المؤسسات المالية في مصر هي ذاتها التي تشغل نظراءها حول العالم، وعلى رأسها كيفية تعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، والتعامل مع بيئة تنافسية شديدة التعقيد، مؤكدًا أن مصر تمتلك كوادر بشرية قادرة على المنافسة عالميًا، ولا ينبغي القبول بأقل من موقع الصدارة.

وعقد نائب رئيس البنك الأهلي مقارنة تاريخية لسرعة التحولات التكنولوجية، موضحًا أن الثورة الصناعية استغرقت نحو 500 عام لإحداث تغيير جذري في أنماط الإنتاج، بينما احتاجت ثورة الحاسب الآلي إلى قرابة 40 عامًا، في حين أن الثورة التكنولوجية الراهنة تتغير بوتيرة متسارعة لا تُقاس بالأيام، بل بالساعات، وهو ما يفرض على الأفراد والمؤسسات عدم التوقف عن التعلم والاستثمار المستمر في التكنولوجيا.

وأعرب أبو الفتوح عن سعادته البالغة بتكريمه من صرح علمي عريق بحجم الأكاديمية العربية، موجّهًا الشكر للدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية.

كما أشاد بالتعاون المثمر مع وزارة المالية، واصفًا الوزير أحمد كوجك بأنه «صاحب رؤية ثاقبة»، ومؤكدًا أن البنك الأهلي ووزارة المالية يعملان كفريق واحد لدعم مسارات التطوير المالي والاقتصادي في الدولة.

واختتم نائب رئيس البنك الأهلي كلمته بتهنئة الخريجين، مؤكدًا أنهم يمثلون مستقبل الإدارة والاقتصاد، وأن العلم لم يعد له سقف محدد، داعيًا إياهم إلى مواكبة المتغيرات العالمية بشكل مستمر، والاستعداد الدائم لعالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة.