مؤشر إيدلمان: الأفراد ذوي الدخل المرتفع هم الأكثر ثقة بقطاع الخدمات المالية

كتب: محمد بدوي

بلغت ثقة الجمهور العالمي في قطاع الخدمات المالية أعلى مستوياتها منذ العام 2012، بحسب نتائج التقرير الملحق بمؤشّر إيدلمان للثقة لعام 2024، الصادر تحت عنوان “رؤى حول قطاع الخدمات المالية”. وأظهر الاستطلاع أن 62% من المشاركين يثقون بقدرة شركات الخدمات المالية على “اتخاذ القرارات والإجراءات الصحيحة”، بزيادة قدرها 4 نقاط عن العام الماضي. وللمرة الأولى على الإطلاق، حجز هذا القطاع مكانته ضمن الفئة “الموثوق بها” ولو بفارق ضئيل. (النسبة المطلوبة 60% أو أكثر). وعلى الصعيد العالمي، بلغت الثقة في قطاع الخدمات المالية أعلى مستوياتها في نحو نصف البلدان التي شملها الاستطلاع، والتي يصنف نصفها من الأسواق النامية.

وقال لكس سوفانتو، الرئيس التنفيذي لشركة إيدلمان سميثفيلد: “رغم التقدم الكبير الذي أحرزه قطاع الخدمات المالية في مستويات الثقة على مدار العقد الماضي، لا يزال أمامه رحلة طويلة لترسيخ مكانته القوية ضمن الفئة الموثوق بها. ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي للشركات تنفيذ استراتيجيات اتصال فعالة لبناء الثقة والإضاءة على أهمية دورها في تعزيز الاستقرار المالي، وإنشاء نظم مالية أقوى، وضمان مشاركة تلك الاستراتيجيات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين.”

وكشف الاستطلاع عن تباين في الآراء والانطباعات حول قطاع الخدمات المالية بين الأسواق النامية والأسواق المتقدمة. فيما يلي أبرز تلك الرؤى والنتائج:

بلغت مستويات الثقة أعلى مستوياتها في بلدان مثل الهند (83%) وتايلاند (81%)
شهدت نيجيريا وكولومبيا نموًا ثنائي الرقم في مستويات الثقة مقارنة بالعام الماضي
لا تزال مؤسسات الخدمات المالية “غير موثوق بها” في غالبية دول مجموعة السبع. فأي مستويات دون 50% تشير إلى انعدام الثقة
سجلت الخدمات المالية مستويات أدنى في ألمانيا (41%)، وإسبانيا (41%)، وفرنسا (45%)، واليابان (47%)، وإيطاليا (44%)، والمملكة المتحدة (49%)
شملت الخدمات المالية المندرجة ضمن الفئة التي تحظى برأي محايد في أمريكا الشمالية كلًا من الولايات المتحدة (55%) وكندا (59%).

وقد يكون الاختلاف في مستويات الثقة في الخدمات المالية بين الأسواق النامية والمتقدمة ناجمًا عن تباين التجارب الفردية، وإمكانية الوصول إلى المنتجات، وقدرة القطاع على تحسين الأعمال والارتقاء بحياة الأفراد وفق الظروف المحلية لكل بلد. ففي الدول النامية، نجد عادة أن غالبية السكان يعتمدون بشكل أكبر على الخدمات المصرفية التقليدية ويولون أهمية خاصة للعلاقات القائمة على الثقة بسبب محدودية المنتجات والتقنيات المتقدمة. في المقابل، نجد أن التوقعات أعلى في البلدان المتقدمة، نتيجة لتسارع الابتكار في المنتجات الجديدة والطلب المتزايد على الراحة والسهولة والكفاءة. ويركز مواطنو البلدان المتقدمة بشكل أكبر على تعقيدات القطاع وأي أزمات مرتبطة بالسمعة قد تؤثر سلبًا على مستويات الثقة.

يشار إلى أن مؤشّر إيدلمان للثقة لعام 2024، هو الإصدار السنوي الرابع والعشرين، وهو المرجع الأبرز حول قياس مستويات الثقة والمصداقية في المؤسسات. وشمل الاستطلاع أكثر من 32,000 شخص في 28 دولة. أما تقرير “رؤى حول الخدمات المالية” ضمن المؤشر فيركز على آراء وانطباعات الأفراد حول الشركات التي يعتمدون عليها ويعملون لديها ويأتمنونها على أموالهم.

الخدمات المصرفية هي القطاع الفرعي الأكثر موثوقية ضمن الخدمات المالية على مستوى العالم

ارتفعت مستويات الثقة عبر كافة القطاعات الفرعية ضمن قطاع الخدمات المالية، إلا أن قطاع البنوك شهد نقلة تعد من بين الأكبر (+4 نقاط على أساس سنوي) لتصل درجة الثقة الآن إلى 66%. وتحظى البنوك بالثقة في 16 دولة من أصل 28 دولة، كما أن هذه الثقة شاملة ومتسقة بين مختلف فئات المجتمع بغض النظر عن العمر أو الدخل أو الجنس. وبذلك تكون البنوك قد قفزت بواقع 12 نقطة خلال العقد الماضي.

كما انتقلت شركات التأمين إلى فئة المؤسسات “الموثوق بها” لهذا العام، حيث ارتفعت درجات الثقة للتأمين الشخصي بمقدار نقطتين إلى 62% والتأمين على الممتلكات/تأمين الحوادث بواقع أربع نقاط إلى 60%. وظل قطاع إدارة الاستثمار ضمن الفئة التي تحظى برأي محايد، لكنه سجّل ارتفاعًا بواقع 4 نقاط في الثقة على أساس سنوي. واللافت أن العملات المشفرة/الأصول الرقمية بقيت عند أدنى مراتب الثقة، ضمن الفئة “غير الموثوق بها” بنسبة 38%.

وتشمل أبرز النتائج الأخرى التي توصّل إليها التقرير النقاط التالية:

تبيّن أن الأفراد ذوي الدخل المرتفع هم أكثر ثقة بقطاع الخدمات المالية بواقع 12 نقطة مقارنة مع نظرائهم من ذوي الدخل المنخفض. وخلال السنوات العشر الماضية، ارتفع مستوى الثقة لدى الأفراد ذوي الدخل المرتفع بمقدار الضعف مقارنة بالأفراد ذوي الدخل المنخفض.
تثق النساء الآن في مؤسسات الخدمات المالية بنسبة 60% بعد زيادة بواقع 4 نقاط على أساس سنوي. مع ذلك، ما زلن أقل ثقة بها من الرجال الذين وصلت نسبة الثقة لديهم إلى 63%.
لدى الأجيال الشابة مستويات ثقة أعلى في الخدمات المالية مقارنة بالمشاركين الأكبر سنًا. وسجّل الأفراد ضمن الفئة العمرية من 18إلى 34 سنة مستوى ثقة أعلى بمقدار 9 نقاط من أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا.
على الرغم من الارتفاع بمقدار 4 نقاط على أساس سنوي، إلا أن قطاع إدارة الاستثمار لا يزال ضمن فئة المؤسسات التي تحظى برأي محايد بنسبة ثقة 54%.
يمكن رصد مستويات ثقة أعلى في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، مع ذلك لا تزال هناك بعض التحديات على صعيد الثقة في الاقتصادات الأوروبية الكبرى مثل فرنسا (نسبة ثقة 29%؛ تراجع بمقدار 5 نقاط على أساس سنوي)، وألمانيا (نسبة ثقة 34%؛ لا تغيير في النقاط على أساس سنوي)، والمملكة المتحدة (نسبة ثقة 37%؛ تراجع بمقدار 3 نقاط على أساس سنوي)، وإيطاليا (نسبة ثقة 45%؛ زيادة بمقدار 6 نقاط على أساس سنوي).
شكل الموظفون في قطاع الخدمات المالية ثاني فئة أكثر ثقة بشركاتهم، 84% منهم يثقون في أن شركتهم تتخذ القرارات والإجراءات الصحيحة.
تبقى شركات قطاع الأعمال الوحيدة وحدها ضمن فئة المؤسسات الموثوق بها (63%)، مقارنة بالمنظمات غير الحكومية (59%)، والحكومية (51%)، ووسائل الإعلام (50%)، ويحتفظ قطاع الأعمال بسمعته القوية باعتباره أكثر كفاءة وأكثر تبنيًا لأخلاقيات العمل مقارنة بالجهات الحكومية ووسائل الإعلام.