نشط قطاع التكنولوجيا المالية بشكل غير مسبوق، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هي شركة فوري المصرية، التي تواصل إحداث تأثير إيجابي على البلد بعد إدراجها في البورصة المصرية في عام 2019، وتزيد قيمتها السوقية اليوم على مليار دولار.
وهو ما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإصدار القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٢٢ والخاص تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية، والذي من المتوقع أن يكون له أثر كبير في تنمية نشاط الشركات الناشئة بمصر التي تعتمد على التكنولوجيا المالية وتوسعها بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة.
وشهدت مصر طفرة هائلة خلال السنوات الأخيرة في نمو وتوسع الشركات الناشئة، خاصة التي تعتمد على التكنولوجيا المالية، حيث احتلت المركز الثالث في إجمالي حجم الاستثمارات وعدد الصفقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتجمع الشركات الناشئة بها ٤٤٥ مليون دولار عبر ١٤٦ جولة تمويلية خلال عام 2021 الماضي.
نمو هائل
كان لجائحة كورونا تأثير مباشر في دفع التكنولوجيا المالية بمصر لتنطلق لأقصى طاقاتها، حيث أصبحت من بين أكبر أربع دول أفريقية نشاطًا في مجال التكنولوجيا المالية، وذلك من حيث عدد الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية، ويرجع ذلك إلى النمو الهائل على مدار السنوات السبع الماضية في هذا المجال، حيث ارتفع عدد الشركات الناشئة المصرية المتخصصة في التكنولوجيا المالية والشركات المُغذية لتصل إلى حوالي 112 شركة عام 2021 من أصل شركتين فقط مقارنة بعام 2014 ، بمعدل نمو تجاوز 178%.
المهندس “أشرف صبري” المدير التنفيذي بشركة “فوري”، أكد أنه تباينت معدلات النمو فى مختلف قطاعات التكنولوجيا المالية، وذلك طبقًا لنوعية الخدمات؛ فهناك بعض الخدمات التى بدأت تشهد نموًا متسارعًا مثل خدمات السداد الإلكتروني فى المحال التجارية، المواقع الاليكترونية، و الإقراض للأفراد والمشروعات متناهية الصغر؛
بينما هناك قطاعات بدأت فى التشبع مثل خدمات السداد الإلكتروني لقطاع الاتصالات، وذلك نتيجة نمو هذا السوق من ناحية والوصول بتلك الخدمات لنسبة كبيرة من المستخدمين. وتوقع “أشرف” استمرار معدلات النمو العالية وخاصة فى الخدمات المالية للأفراد والمشروعات الصغيرة وخدمات السداد الإلكترونى فى المتاجر والمواقع الاليكترونية كما توقع ظهور خدمات جديدة خاصة فى مجال التأمين والاستثمار الرقمىان، وهى مجالات أعتبرها جديدة مازالت فى مرحلة دخول الأسواق.
ويؤكد تقرير “منظومة التكنولوجيا المالية 2021″ الصادر عن البنك المركزي المصري، أن قطاع المدفوعات والتحويلات يمثل نسبة 29% من إجمالي القطاعات الفرعية لشركات التكنولوجيا المالية ( 34 شركة ناشئة)، كما أشار إلى قيام شركات التكنولوجيا المالية المصرية بتقديم مجموعة متنوعة من الخدمات والمنتجات المالية والحلول المبتكرة.
وأن الغالبية العظمى من نماذج أعمال الشركات المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية “حوالي 48 شركة ناشئة” تتمثل في نماذج المعاملات التي تتم بين الشركات “ B2B models ”؛ مثل منصات أصحاب الأعمال “ ؛ B2B Marketplacesوالتكنولوجيا التنظيمية “ RegTech ”؛ وتحليل البيانات؛ والذكاء الاصطناعي؛ وإدارة الحسابات والمصروفات؛ وغيرها.
ومن جهته أشار”محمود خضر، رئيس قطاع تطوير الأعمال والشراكات الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة OPay”” لـ “ومضة”، إلى أنه قد شهد السوق المصري قفزة كبيرة في حجم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا المالية على مدار السنوات الخمس الماضية، بعد حدوث العديد من الصفقات في ذلك المجال، خاصة عقب جائحة كورونا التي ساعدت على توجه العديد من الشركات والأفراد إلى ثقافة الدفع الاليكتروني، ليتوقع أن يشهد السوق المصري نموًا كبيرًا خلال العام الحالي.
يتفق معه “عبد الله شرارة” مؤسس شركة VPAY لخدمات التقنية المالية، الذي يوضح دخول العديد من شركات التكنولوجيا المالية للسوق المصري خلال السنوات الأخيرة، ليرتفع حجم الاستثمارات متجاوزًا 2 مليار جنيه مصري في مختلف خدمات قطاع الدفع والدفع لاحقًا والتقسيط والتأمين الرقمي، وهو ما جعل الوتيرة تمشي بخطوات مستدامة لإحداث تحول رقي قوي في السوق المصري. –بحسب قوله-
تحديات رئيسية
بجانب الفرص هناك بعض التحديات التي تواجه الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية في مصر، والتي أبرزها البنك المركزي المصري في تقريره – السابق ذكره-؛ كالتالي: جذب الكوادر المؤهلة، حيث يمثل ذلك التحدي الأكبر فيما يتعلق بنمو الشركات الناشئة ونجاحها بحسب ما أفادت به عدد من الشركات والتي تمثل نسبة ٪ 46 إجمالي عدد الشركات الناشئة التي شملتها دراسة البنك، وتحتاج 29% من الشركات الناشئة لتطوير منتجاتها، وإنشاء أنظمة مستدامة وعمليات فعالة.
ليعود “اشرف” ويشير إلى أن التحديات التي تواجه الشركات العاملة بالقطاع بمصر من ضمنها “فوري”، تتمثل في كيفية إدارة النمو، والتوسع فى الخدمات الجديدة مع تقديم مستوى خدمة متمييز، وإعادة الهيكلة بما يتماشى مع التوسع فى الخدمات المقدمة من الشركة وقواعد الالتزام بالتعليمات الرقابية، بالإضافة إلى التطوير المستمر فى الخدمات بما يضمن التنافسية.
وفي ذات السياق يؤكد “خضر” أن التحدي اليومي الذي يواجه شركته يعتبر هو تطوير الخدمات المقدمة للسوق المصري ليرتقي إلى المستوى الذي يتطلع إليه العملاء.
لذلك دعا البنك المركزي في تقريره للتغلب على تلك التحديات إلى إقامة الفعاليات والمؤتمرات الخاصة بمجال التكنولوجيا المالية، إطلاق حملات التغطية الإعلامية محليًا وعالميًا، التي تهدف إلى توعية العملاء بشأن الحلول المبتكرة التي تقوم الشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية بتقديمها، فتح مزيد من الأفواج للمختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية، تشجيع وتحفيز البنوك العاملة في مصر بهدف تقديم الدعم للشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية وتبني المشروعات التي تعتزم هذه الشركات تنفيذها، تخفيف القيود، والتحول إلى المعاملات الإلكترونية بشأن المستندات الورقية المطلوب تقديمها خلال مراحل تأسيس شركات التكنولوجيا المالية الناشئة المتخصصة في هذا المجال، وقيام البنوك العاملة في مصر بتقديم حلول تمويلية لتلك الشركات الناشئة
قانون التكنولوجيا المالية
أصدرت مؤخرًا الحكومة المصرية قانون تنظيم استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية الذي يمثل أحد خطوات برنامج هيئة الرقابة المالية لتطوير القطاع المالي غير المصرف، وتهيئة السوق لاستقبال مزيد من الشركات التي تعمل في مجال التقنية المالية.
وحول قانون التكنولوجيا المالية للأغراض غير المصرفية، أوضحت The Legal Clinic”” ، المؤسسة التي تقدم خدمة الاستشارات القانونية للشركات الناشئة ورواد الأعمال، أنه قد صدر القانون رقم ٥ لسنة ٢٢ بغرض تنظيم استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية داخل جمهورية مصر العربية، وويهدف إلى تحقيق الشمول المالي كغرض رئيسي عن طريق إيجاد حلول مالية أكثر لجميع شرئح المجتمع المصري، ووضع القانون شروط معينة يجب مراعاتها عند التأسيس الشركات العاملة بالأنشطة المالية غير المصرفية ومنها على سبيل المثال )يجب الا يقل أ رسمال الشركة عن 250 ألف جنيه مصري – يجب أن يقتصر نشاط الشركة على ممارسة الأنشطة المذكورة في القانون، وكذلك لم يحدد القانون شكل معين للشركات العاملة بالأنشطة المالية غير المصرفية، ولكن يمكن ان نستنتج ان القانون قد يوجب من خلال قراراتلاحقة في الفترة المقبلة أن تكون الشركات العاملة في تلك الأنشطة شركات مساهمة دون غيرها.
وفي سابقة من نوعها، عرف القانون مصطلح “العقود الرقمية” واقر لها ذات حجية المحررات الرسمية. كما ألزم القانون الهيئة العامة للرقابة المالية بتنظيم هذه العقود بشكل أكثر تفصيلا بموجب اللائحة التنفيذية للقانون المتوقع صدورها قريبا.
وصف “أشرف” قانون التكنولوجيا المالية بأنه سيعنى مزيدًا من الحوكمة والالتزام بالمعايير العالمية والمحلية لتقديم خدمات التكنولوجيا المالية مثل معايير تأمين المعاملات، واستمرارية الخدمات، وقواعد تأمين المخاطر، وسرية البيانات، وبلا شك فأن هذه القواعد ستعنى ضرورة الاستثمار للوصول بالخدمات المالية الى المعايير المطلوبة، كما يمهد لضرورة تعديل الهياكل التنظيمية للشركات لتتضمن وظائف جديدة، وعليه فإنه في المجمل ستتحسن مستوى الخدمات ولكن سيصاحب ذلك ارتفاع في التكلفة الاستثمارية وتكاليف التشغيل. –على حد تعبيره –
وفي إشارة لأهمية صدور القانون خاصة خلال الوقت الحالي، أكدت هيئة الرقابة الالية المصرية أنه قد أصبح هناك ما يقرب من 15 ألف مواطن من البسطاء المنتفعين بمنتج التمويل الأصغر المعروف بالنانو فاينانس عبر تيسير منح التمويل من خلال محافظ مالية على أجهزة تليفوناتهم المحمولة بأرصدة تمويل بلغت 3.7 مليون جنيه بنهاية 2021.
أصبحت التكنولوجيا المالية من أهم دعائم النظم الاقتصادية بمختلف دول العالم، بل أنها تحولت لمصدر مؤثر بالسوق المالي العالمي، لما يمكن أن تلعبه من دور هام في تنظيم القطاع المالي، وتسهيل المعاملات التجارية للشركات والأفراد ومختلف الجهات، لذلك فأن الاهتمام بذلك القطاع والعمل على تطويره ودعم الشركات الناشئة التي تعمل به، سيكون له انعكاس واضح على حجم الناتج الإجمالي للدولة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية للسوق المصري.
المصدر: ومضة
موضوعات متعلقة..
- Mamo الإماراتية تحصل على جولة تمويل بقيمة 8 ملايين دولار
- 247 مليون دولار استثمارات في الشركات الناشئة بالمنطقة خلال يناير 2022
- شركة سيركليز تجمع تمويل بقيمة 5 ملايين ريال من خلال منصة “سكوبير” للتمويل الجماعي
اقرأ أيضًا..