أحمد أبو علي يكتب: سيناريو 2008 هل يتكرر ويصبح القطاع المصرفي ضحيه القطاع العقاري الصيني

بقلم: أحمد أبوعلي
يدخل الانكماش العقاري في الصين مرحلة أكثر حدة مجدداً، فخلال الأسبوع الماضي فتحت الأسواق الآسيوية تعاملات أول أيام الأسبوع على انخفاض، حيث كان أكبر هبوط في مؤشرات الأسهم الصينية نتيجة أزمة القطاع العقاري المتصاعدة، وهو ما اتضح بقوه في انخفاض قيمه سهم واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في الصين “كانتري غاردن” ، ولعل ذلك مادفع الشركه الي تعليق التداول على نحو 10 من سندات الدين المحلية، وأدى ذلك إلى موجة بيع كثيفة لكل الأسهم المرتبطة بالقطاع العقاري الصيني.

التخلف عن سداد المستحقات

ومن ناحيه اخري تخلفت الشركات العقارية عن سداد ما عليها من مستحقات تتعلق بسندات دولية خلال الأسبوع الماضي، مما كان سببا في إزدياد المخاوف بحدوث أزمة سيولة في قطاع العقارات الصيني والتي على وشك أن تصل ذروتها ، كما هبطت أسهم المجموعة العقارية في بورصة هونغ كونغ بنسبة 18.4 في المئة، وأدى ذلك إلى هبوط أسهم الشركات المماثلة، فتراجع سهم شركة “جينماو هولدنغ” العقارية بنسبة 9.8 في المئة، ومع انهيار الأسهم المرتبطة بقطاع العقارات، هبط مؤشر الشركات العقارية في الداخل الصيني لبورصة هونغ كونغ بنسبة 4.8 في المئة، وبذلك يكون ذلك المؤشر فقد 50 في المئة من قيمته خلال شهر.

شبح الإفلاس

في سياق ماسبق يتضح أن قطاع العقارات الصيني قد يبدأ في مواجهه شبح الإفلاس ، والتي يدأت بوادره تظهر أزمات بإفلاس واحدة من أكبر المجموعات العقارية “إيفرغراند” في عام 2021 تحت وطأة مديونية هائلة تصل إلى 300 مليار دولار، وزاد من حدة تلك الأزمات على مدى العامين الماضيين انهيار المبيعات العقارية، بخاصة في ظل تراجع مشتريات الأجانب كذلك وتشديد القيود على الوصول إلى السيولة النقدية من قبل الجهاز المصرفي الصيني ، وبالتالي حدث تراكم كبير في حجم المديونيات الهائلة على الشركات العقارية، مما جعل بعض الشركات تعلن إفلاسها كما فعلت “إيفرغراند” عندما تخلفت عن سداد مستحقات الدين والسندات.

مخاوف أكبر

إلا أن التخوف الأكبر والمقلق هو أن الازمه العقاريه الان داخل الصين لم تقتصر على الشركات العقارية الخاصة، التي تعد “كانتر غاردمن” أكبر ما تبقى منها دون إفلاس في العامين الأخيرين، بل إن شركات التمويل العقاري الخاصة المنكشفة أكثر على القطاع العقاري في بداية الدخول في أزمة مشابهه هي الأخرى، مما قد يهدد بانتشار عدوى الانهيارات في القطاع المالي الغير مصرفي أيضا داخل الصين ، وهو ماقد يجعل سيناريو 2008 بالولايات المتحده الامريكيه أقرب للحدوث مره أخري بالصين، حيث أن القطاع العقاري في الصين يمثل ما بين 25 في المئة و30 في المئة من حجم الاقتصاد هناك، كما عزز من تلك المخاوف تخلف واحدة من أكبر شركات التمويل الخاصة في الصين “جونغرونغ إنترناشيونال ترست كو” التي تستثمر بكثافة في القطاع العقاري عن سداد بعض التزاماتها من الأوراق المالية في الموعد المحدد، ونتيجة تخلفها عن السداد، هبطت أسهمها أيضاً بقوة لدى فتح السوق هذا الأسبوع.

أزمة تراكم الديون

وفي ضوء ماسبق ازدادت حدة أزمة تراكم الديون في القطاع العقاري الصيني مع تشديد السلطات الصينية القيود على القطاع الخاص، من حيث فوائد الإقراض من القطاع المصرفي الرسمي، وزاد من الضغط على شركات التطوير العقاري الخاصة هبوط الطلب المحلي والخارجي بشدة على العقارات في الصين، وبدأ ذلك مع شركة “إيفرغراند” قبل عامين، والتي لحقت بها خسائر كثيره منذ إعلانها الإفلاس عام 2021 حتى الآن بنحو 81 مليار دولار.

مسلسل أزمات

كذلك شركه “شيمو غروب” أعلنت الشهر الماضي عن خسائر وصلت إلى 6.8 مليار دولار على مدى عامين بعد إعلانها الإفلاس عام 2021، وخلال الأيام الحاليه تكررت الازمه أيضا مع شركة “كانتري غاردن” والمعرضة لاحتمال الإفلاس الآن، حيث أعلنت نهاية الأسبوع الماضي أنها تتوقع خسائر بما بين 45 مليار يوان (6.2 مليار دولار) و55 مليار يوان (7.6 مليار دولار) للنصف الأول من هذا العام، وتراجعت مبيعات الشركة بنسبة 61 في المئة مقارنة مع النصف الأول من عام 2021 قبل أن يبدأ مسلسل أزمات القطاع العقاري الصيني، وترجع قوه شركه “كانتري غاردن” في أنها تعمل في أكثر من ثلاثة آلاف مشروع عقاري في الصين، وتوظف ما يصل إلى 70 ألف شخص.

تدخل الحكومة الصينية

ولذك وفي ضوء ما يحدث من أزمات قد تعصف بالقطاع العقاري بل بالاقتصاد الصيني ، أن لم تتدخل الحكومه الصينيه بتقديم حزمه دعم وتيسيرات ماديه لكلا القطاعيين العقاري والمالي بها ، فإننا أمام سيناريو واحد لا محاله في ظل ضعف النمو الاقتصادي العالمي، وضعف الوضع الاقتصادي في كثير من الدول الان، وتوقعات بتحقق سيناريو الركود الاقتصادي عالميا، وبالتالي فإن أي ضرر قد يلحق بالاقتصاد الصيني لا نستبعد أن يتردد صداها في أنحاء العالم، والتخوف الأكبر الان من ان يطول انهيار القطاع العقاري في الصين إذا حدث القطاعات المماثلة في اقتصادات أخرى، و هو بالتالي ما قد يقود إلى حدوث أزمة عالمية شبيه بما حدث مسبقا بالولايات المتحده الامريكيه في 2008.

بقلم: 
أحمد أبو علي
الباحث والمحلل الإقتصادي

روابط ذات صلة:

عاجل: بعد فشل كل محاولات الإنقاذ..عملاق التطوير العقاري الصيني “إيفرجراند” تعلن إفلاسها رسميا

جهاز قطر للاستثمار يبدأ أولي خطواته الاستثمارية بالقطاع العقاري الفندقي في مصر

خاص: تدشين «تحالف عقاري» جديد يضم صاحب صيدليات «العزبي» و «شخصيات هامة» بالقطاع العقاري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.