الذكاء الاصطناعي في ميزان الاقتصاد العالمي

مقال: ناصر الجابري

وسط الحديث عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وتزايد التوقعات حول تضاعف استخداماته خلال العقد المقبل، وفي ظل التوجه الاستراتيجي للدول نحو دراسة سبل توظيف تقنياته في عدد من القطاعات الحيوية، يأتي مفهوم التوظيف الاقتصادي للذكاء الاصطناعي، كأحد المحاور الرئيسة التي تشكل جزءاً من مفاهيم الاقتصاد الجديد.

الذكاء الاصطناعي

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن الذكاء الاصطناعي سيحدث تحولاً في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي تؤكده توقعات غولدمان ساكس والتي أشارت إلى إمكانية زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.5 بالمئة على مدى السنوات العشر المقبلة، وتعكسه تصريحات مورغان ستانلي حول الزيادة الكبرى المرجحة لعدد من الشركات المعنية بالذكاء الاصطناعي.

الاقتصاد العالمي

وإجمالاً، فإنه وفقاً لأبحاث المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي سيضيف ما يقرب من 16 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، خاصة في قطاع الخدمات المصرفية، وقطاعات البيع بالتجزئة والسلع الاستهلاكية المعلبة.

المجموعات الاستثمارية

إن هذه التوقعات، ليست مرتبطة فقط باعتبار الذكاء الاصطناعي قطاعاً اقتصادياً نوعياً جديداً، بل أن هناك توجه لدى كبار المجموعات الاستثمارية في العالم باستخدام نماذج الأعمال المدعومة بالذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات ذات البُعد الاستراتيجي، خاصة في ظل التقلبات والتحديات المتسارعة في مشهد الاقتصاد العالمي، والتي تتطلب تحليلاً سريعاً وعميقاً لكميات هائلة من البيانات، للوصول إلى قرارات لحظية قد تشكل نقاط تحول رئيسة في مسارات الربحية للشركات.

روبوت التداول

هذا الأمر، الذي لم يتوقف عند قرارات الشركات، بل شمل الأفراد أيضا، حيث أنَّ ثُلث المستثمرين سيعتمدون على ما يسى بـ “روبوت التداول” باتخاذ جميع القرارات نيابةً عنهم، وفقا لدراسة استقصائية عام 2023 في الولايات المتحدة، حيث يتم استخدام برامج تقنية متخصصة في تحليل البيانات لاتخاذ القرارات الفردية الخاصة بالتداول في أسواق الأسهم.

ومع الفرص الاقتصادية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي من جهة، وتنامي مستويات دقة بياناته وتحليلاته من جهة أخرى، انطلقت دول العالم في مسارات الاستثمار بتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تأتي الولايات المتحدة والصين في طليعة الدول المستثمرة في مجال الذكاء الاصطناعي، فيما من المرجح أن تتنافس دول أخرى على سباق استقطاب شركات التكنولوجيا العاملة في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي خلال العقد الحالي.

مدن متخصصة

إجمالاً، فإن الاقتصاد العالمي على أبواب الدخول لمرحلة جديدة، قد تتطلب إنشاء مدن متخصصة لشركات الذكاء الاصطناعي، وإطلاق دراسات نوعية تبحث تأثيرات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الاستثمارية، وتعزيز الملتقيات الدولية التي تبحث أحدث الاستخدامات التقنية في مسارات الاقتصاد العالمي.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.