مالك سلطان يكتب عن: الشركات الناشئة في الأسواق الناشئة

تعريف شركات اليونيكورن يحتاج إلى إعادة نظر

بقلم: مالك سلطان

أغلب ما نقرآه من كتب عن الشركات الناشئة هي كتابات قادمة من الرأسمالية الغربية، حيث أن الراسمالية متجذره هناك و المجتمعات في العموم أكثر إنفتاحا علي التغيير و المخاطرة و السياسات الحكومية أكثر استقرارا و التدخل في الإقتصاد أقل، ولديهم بورصات هى الأكبر و الأقوى و الأكثر تطورا في العالم وتسمح بطريق واضح بالتخارج من الشركات الناشئة.

أكثر أنواع الإستثمار مخاطرة

وعلي الرغم من كل ذلك فالخبراء هناك يطلقون علي الإستثمار في الشركات الناشئة أكثر أنواع الاستثمار مخاطرة، بل حساباتهم تقول أن غالبا 4 شركات ناشئة من أصل 5 سوف تفلس في خلال أول 5 سنوات نشاط.

وإذا كان الإستثمار في الشركات الناشئة مصنف الأخطر في الرأسماليات الغربية العتيدة، فماذا عن الأسواق الناشئة..؟

حيث أن أغلب المجتمعات أكثر تحفظا و أقل تقبلا للتغيير، ولديها بعض المشكلات في العملة و الإقتصاد الكلي بشكل عام، مع تغلغل التدخل الحكومي و تعقد التشريعات، أيضا لا توجد بورصات قوية أو مرنة تستوعب طرح أسهم الشركات الناشئة مما يجعل عمليه التخارخ المتمثلة في «بيع أسهمك في الشركة الناشئة» أمر صعب جدا.

مقارنة بين الأسواق الناشئة والغربية

بالتأكيد الوضع أصعب و يتطلب مقاربة للشركات الناشئة قد تكون مختلفه عن الموجود في أدبيات الرأسمالية الغربية عن الشركات الناشئة، بعض النقاط التي أظن تستحق الدراسة بشكل مختلف عن الشركات الناشئة في إطار الأسواق الناشئة هي:

أولا: حلم الشركات الناشئة هو الوصول لقيمة (اليونيكورن)، أي تقييم المليار دولار، وتقديري هذا حلم لا يتناسب مع أغلب الشركات الناشئة في الأسواق الناشئة، فرقم مليار دولا ضخم جدا لا يناسب مثلا في دولة حجم الإحتياطي النقدي بها 40 مليار دولا، ومن الصعب أن نجد شركة ناشئة حجمها يعادل 2.5% من حجم الإحتياطي النقدي للبلد الذي نشأت فيه، وإذا حدث ووجدت هذه الشركه فغالبا ستكون عددها محدود للغاية لا يتعدى شركة واحدة أو شركتين أو ربما ثلاثة شركات على أقصي تقدير، بما يعني أنها ستكون أقليه و أغلب الشركات الناشئة في السوق الناشئ لا يجب أن تحلم حلم (اليونيكورن) لانه غالبا لن يتحقق.

ثانيا: ما هو الحلم في التقييم، يجب وضع تعريف جديد لليونيكورن يتناسب مع أوضاع وظروف الأسواق الناشئة، ويمكن أن نقول أن إستخدام العملة المحلية في التقييم قد يكون ألأفضل، ويكون اليونيكورن محلي مقوم بالعملة المحلية، أي تصنف الشركة بأنها دخلت نادي اليونيكورن عندما تصل نادي المليار بعملتها المحلية.

ففي مصر على سبيل المثال.. (اليونيكورن) مصري يطلق على الشركة الناشئة التي تصل إلى تقييم مليار جنيه، وهو ما يعادل 33 مليون دولار على سبيل المثال، ومليار جنيه يعد رقما ضخما جدا ويجب أن تكون شركة ناشئ’ ناجحة جدا، علي الرغم أن 33 مليون دولار تبدو رقم متوسط او صغير لكثير من الشركات الناشئة الناجحة في أمريكا أو أوروبا، ولكنها تمثل حلم معقول لمؤسس شركة في سوق ناشئ.

حلم (اليونيكورن) يظل صعب طبعا و عايز شغل ليل و نهار من المؤسسين و لكن قابل للتحقيق مع التخطيط الصحيح، لكن مليار دولار غير تقريبا غير قابل للتحقيق مهما كنت مؤسس قوي و شغال فقط في سوقك المحلي الناشئ.

ثالثا: إذا ما إتفقنا على أن تقييم 33 مليون دولار هو الحلم، فهذا يعني بشكل مباشر تأثير علي تقييم الشركة في مرحلة البداية، حيث أن الإستثمار في الشركات الناشئة هو الإستثمار الأكثر مخاطرة في الأسواق الرأسمالية المتقدمة، وبالتأكيد هو أكثر مخاطرة و أصعب في الإقتصاديات الناشئة، وهذه المخاطرة العالية ستجعل المستثمر يحاول أن يبحث عن أعلي عائد ممكن في أي شركة ناشئة يستثمر فيها في مرحلة البدايات seed anf pre seed.

ولا أظن أن العائد المطلوب سيقل عن 10 أضعاف قيمة الإستثمار، بما يعني أن أعلي تقييم للشركة الأن سيكون حول معدل 3.3 مليون دولار، وهذا رقم ضخم جدا لأن عند معادلته بالجنيه المصري سيساوي 100 مليون جنيه، وهو بالنسبة لشركة لا تزال تبدأ نشاطا جديدا ومستقبلها به بعض المخاطر، بل غير واضح و قدرتها على الإستمرار تعتمد علي المستثمر الذي سيضخ إستثمار فيها.

وبكل تأكيد العائد المطلوب سيكون 10 أضعاف ليعوض الشركات الأخري التي لن تنجح، فببساطة إذا كان في الإقتصاديات المتطورة تفشل شركة واحدة من كل 5 شركات، ما يجعلنا يمكن أن نقول أنه في الاقتصاديات الناشئه قد تفشل شركة واحدة من كل 10 شركات، لذا يجب أن يكون هناك عائد يفوق الـ 10 أضعاف لتعويض الـ 9 الذين قد يفشلون، وهذا بدون تحقيق حتي مكسب من الإستثمار.

رابعا: نتيجة المحاطرة المرتفع و العائد العالي المطلوب، ستصبح قدرة الشركات علي تجميع إستثمارات أضعف بكثير، وسيتطلب الأمر من المؤسس للشركة الناشئة مضاعفة المجهود، لتصل لنموذج ناجح يحقق الربحية سريعا و لا يتطلب كاش كثير،  وهذه من أصعب ما يكون، كيف تستخدم التكنولوجيا لتنمو سريعا عن طريق بيع منتج أو خدمة يحتاجها الناس، ومستعدون ضخ إستثمارات فيها بشكل يجعلك تحقق ربح، بدون إنفاق الكثير علي التسويق و المصاريف العمومية التي تآكل الربحية.

 

كاتب المقالة:

مالك سلطان:

الشريك المؤسس في صندوق ديسربتك لراس المال

https://www.disruptechventures.com/

إقرأ أيضا:

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.